غيره يتحمل عنه عذاب الآخرة ، لا ، وهو الوليد بن المغيرة أو غيره ، وجملة أعنده المفعول الثاني لرأيت بمعنى أخبرني (أَمْ) بل (لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) (٣٦) أسفار التوراة أو صحف قبلها (وَ) صحف (إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٣٧) تمم ما أمر به نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) وبيان ما (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٣٨) الخ ، وأن مخففة من الثقيلة ، أي أنه لا تحمل نفس ذنب غيرها (وَأَنْ) أي أنه (لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) من خير ، فليس له من سعي غيره
____________________________________
الوليد بن المغيرة) أي وهو قول مقاتل وعليه الأكثر. قوله : (أو غيره) أي فقيل : هو العاص بن وائل السهمي ، وقيل : هو أبو جهل ، وهذا الخلاف في بيان الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى ، وأما الذي غره وضمن أن يحمل عنه العذاب ، فلم يذكروا تعيينه.
قوله : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى أَمْ) منقطعة ، والمعنى أبل لم يخبر بالذي في صحف موسى الخ ، حتى يغتر بما قيل له ، وقدم موسى لقرب عهده منهم ، وخص هذين الرسولين ، لأنهم كانوا قبل ابراهيم يأخذون الرجل بذنب غيره ، فكان الرجل إذا قتل ، وظفر أهل المقتول بأبي القاتل أو ابنه أو أخيه أو عمه أو خاله قتلوه ، حتى جاءهم ابراهيم ، فنهاهم عن ذلك وبلغهم عن الله (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى.) قوله : (تمم ما أمر به) أي من تبليغ الرسالة ، وقيامه بالضيفان ، وخدمته إياهم بنفسه ، فكان يخرج يلتقي الضيفان من مسافة فرسخ ، فإن وجد الضيفان أكرمهم وأكل معهم ، وإلا نوى الصوم ، وصبره على النار ، وذبح ولده ، وقيل : المراد (وَفَّى) سهام الإسلام وهي ثلاثون : عشرة في التوبة (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) وعشرة في الأحزاب (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ،) وعشرة في المؤمنون (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وقيل : المراد (وَفَّى) بكلمات كان يقولهن إذا أصبح وإذا أمسى (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) إلى (تُظْهِرُونَ) والمعنى أنه ما أمره الله تعالى بشيء إلا وفى به. قوله : (وبيان ما) أي فقوله (أن لا تزر) في محل جر بدل من ما في قوله : (بِما فِي صُحُفِ مُوسى) ويصح رفعه على أنه خبر لمحذوف ، أي هو (أَلَّا تَزِرُ) ونصبه على أنه مفعول لمحذوف. قوله : (وازِرَةٌ) صفة لموصوف محذوف ، أي نفس وازرة ، أي مكلفة بالوزر ، وليس المراد وازرة بالفعل. قوله : (وِزْرَ أُخْرى) أي وزر نفس أخرى. قوله : (الخ) المراد به قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى ،) وهذا على فتح همزة (أَنَ) في قوله : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) وما بعده وهي ثمانية تضم لثلاث قبلها ، فتكون الجملة أحد عشر شيئا ، وأما على قراءة الكسر في هذه الثمانية ، فيكون المراد بقوله إلى آخره (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) فيكون البيان بالثلاثة الأول فقط. قوله : (وأن مخففة من الثقيلة) أي واسمها محذوف هو ضمير الشأن و (أَلَّا تَزِرُ) هو الخبر.
قوله : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) استشكل هذا الحصر بأمور : منها أن الدال على الخير كفاعله ، ومنها واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، ومنها إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، إلى قوله أو ولد صالح يدعو له ، ومنها غير ذلك. قال الشيخ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية : من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله ، فقد خرق الإجماع ، وذلك باطل من وجوه كثيرة ، أحدها : أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير. ثانيها : أن النبي صلىاللهعليهوسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها. ثالثها : لأهل الكبائر في الخروج من النار ، رابعها : أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في