الخير شيء (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (٤٠) أي يبصر في الآخرة (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٤١) الأكمل ، يقال : جزيته سعيه وبسعيه (وَأَنَ) بالفتح عطفا وقرىء بالكسر استئنافا ، وكذا ما بعدها ، فلا يكون مضمون الجمل في الصحف على الثاني (إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٤٢) المرجع والمصير بعد الموت فيجازيهم (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ) من شاء أفرجه (وَأَبْكى) (٤٣) من شاء أحزنه (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ) في الدنيا (وَأَحْيا) (٤٤) للبعث (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ) الصنفين (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٤٥) (مِنْ نُطْفَةٍ) مني
____________________________________
الأرض. خامسها : أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته ، وهذا انتفاع بغير عملهم. سادسها : أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم. سابعها : قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً). ثامنها : أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع. تاسعها : أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه عنه بنص السنة. عاشرها : أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير. حادي عشرها : المدين قد امتنع صلىاللهعليهوسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة ، وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب ، وانتفع بصلاة النبي صلىاللهعليهوسلم وهو من عمل الغير ، إلى آخر ما قال. وأجيب بأجوبة منها : أن الآية منسوخة ، ورد بأنها خبر ، والأخبار لا تنسخ. ومنها : أن المراد بالإنسان الكافر. ومنها : أن هذا حكاية عما في صحف موسى وابراهيم فليس في شرعنا. قوله : (أي يبصر في الآخرة) أي لأن العمل يصور بصورة جميلة إن كان صالحا ، وقبيحة إن كان سيئا ، ليكون سرورا للمؤمن ، وحزنا للكافر.
قوله : (ثُمَّ يُجْزاهُ) الضمير المرفوع عائد على الإنسان ، والمنصوب عائد على السعي. قوله : (الْجَزاءَ الْأَوْفى) مصدر مبين للنوع. قوله : (يقال جزيته سعيه) الخ ، أشار بذلك إلى أن الجزاء يتعدى للمفعول الثاني بنفسه وبحرف الجر. قوله (بالفتح عطفا) أي على قوله : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ) الخ ، وعليه فيكون بدلا من جملة (بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ.) قوله : (وقرىء بالكسر استئنافا) أي وعليه فيكون زائدا على ما في صحف موسى وابراهيم ، لأن القرآن فيه ما في الصحف وزيادة. قوله : (وكذا ما بعدها) أي من قوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) إلى قوله : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) والكسر شاذ.
قوله : (إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) أي منتهى أمر الخلق ومرجعهم إليه تعالى ، وهذا كالدليل لقوله : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) وكأنه قال : الله يجزي الإنسان على أعماله الجزء الأوفى ، لأنه إليه المنتهى في الأمور كلها ، وإذا كان كذلك ، فينبغي للإنسان أن يرجع إلى ربه في أموره كلها ، ولا يعول على شيء من الأشياء ، لأنه الآخذ بالنواصي ، واختلف في المخاطب بقوله : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) فقيل كل عاقل ، وقيل محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهذا على قراءة الكسر ، وأما على قراءة الفتح فقيل كل عاقل ؛ وقيل موسى وابراهيم على سبيل التوزيع ، لأنه محكي عن صحفهما. قوله : (أفرحه) أشار بذلك إلى أن الضحك مستعمل في حقيقته ، وكذا البكاء ، وأن مفعول كل من الفعلين محذوف.
قوله : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ) الخ ، الحكمة في إسقاط ضمير الفصل في هذا ، وإثباته في قوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) الإشارة لدفع توهم أن للمخلوق مدخلا في الإضحاك والإبكاء ، والإماتة والإحياء ، فأكّده بالفصل ، ولما لم يحصل في خلق الذكر والأنثى وما بعده ، توهم أن