الصخرة كما سألوا (فِتْنَةً) محنة (لَهُمْ) لنختبرهم (فَارْتَقِبْهُمْ) يا صالح أي انتظر ما هم صانعون وما يصنع بهم (وَاصْطَبِرْ) (٢٧) الطاء بدل من تاء الافتعال ، أي اصبر على أذاهم (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ) مقسوم (بَيْنَهُمْ) وبين الناقة ، فيوم لهم ويوم لها (كُلُّ شِرْبٍ) نصيب من الماء (مُحْتَضَرٌ) (٢٨) يحضره القوم يومهم ، والناقة يومها ، فتمادوا على ذلك ثم ملوه فهموا بقتل الناقة (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) قدارا ليقتلها (فَتَعاطى) تناول السيف (فَعَقَرَ) (٢٩) به الناقة أي قتلها موافقة لهم (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (٣٠) أي إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله ، أي وقع موقعه ، وبينه بقوله (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) (٣١) هو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك ، يحفظهن فيها من الذئاب والسباع ، وما سقط من ذلك فداسته هو الهشيم (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٣٢) (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) (٣٣) أي بالأمور المنذرة لهم على لسانه (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) ريحا ترميهم بالحصباء ، وهي صغار
____________________________________
فأجابهم إلى ذلك بشرط الإيمان ، فوعدوه بذلك وأكدوا ، فكذبوه ثانيا بعد ما كذبوا أولا في أن آلتهم تجيبهم. قوله : (من الهضبة) بفتح الهاء وسكون الضاد ، وهو الجبل المنبسط على الأرض ، ويجمع على هضب وهضاب. قوله : (فِتْنَةً لَهُمْ) مفعول لأجله. قوله : (بدل من تاء الافتعال) أي لوقوعها إثر حرف من حروف الإطباق وهو الصاد. قوله : (وَنَبِّئْهُمْ) أي أخبرهم. قوله : (أَنَّ الْماءَ) أي وهو ماء بئرهم الذي كانوا يشربون منه. قوله : (قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) (وبين الناقة) ظاهره أن الضمير في بينهم واقع عليهم فقط ، وأن في الكلام حذف الواو مع ما عطفت ، والأسهل أن الضمير واقع عليهم وعلى الناقة ، على سبيل التغليب. قوله : (ويوم لها) أي فكانت لا تبقي شيئا في البئر ، ويومها يكتفون بلبنها.
قوله : (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) مرتب على محذوف قدره بقوله : (فتمادوا على ذلك) الخ ، والمعنى : أنهم بقوا على ذلك مدة ، ثم ملوا من ضيق الماء والمرعى عليهم وعلى مواشيهم ، فأجمعوا على قتلها ، فقال بعضهم لبعض : نكمن للناقة حيث تمر إذا صدرت عن الماء ، فاجتمعوا وكمن لها قدار ابن سالف في أصل شجرة في طريقها التي تمر بها ، فرماها فقطع عضلة ساقها ، فوقعت وأحدثت ورغت رغاءة واحدة ثم نحرها. قوله : (موافقة لهم) قصد بذلك الجمع بين ما هنا وما في الشعراء حيث قال (فعقروها) فتحصل أن مباشرة القتل كان منه ، لكن إجماعهم عليه.
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً) أي صاح بهم جبريل في اليوم الرابع من عقر الناقة ، وذلك أن عقرها يوم الثلاثاء ، فتوعدهم صالح بالعذاب ، وأخبرهم بأنهم يصبحون يوم الأربعاء صفر الوجوه ، ويوم الخميس حمر الوجوه ، ويوم الجمعة سود الوجوه ، وفي السبت ينزل بهم العذاب ، وكان الأمر كما ذكر. قوله : (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) تشبيه لإهلاكهم ، والحظيرة زريبة الغنم ونحوها ، والمحتظر بكسر الظاء اسم فاعل ، وهو الذي يتخذ حظيرة من الحطب وغيره ، لتكون وقاية لمواشيه من الحر والبرد والسباع.
قوله : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) أي وهم الجماعة الذين سكن عندهم وأرسل لهم ، وذلك أن لوطا هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهماالسلام ، خرج مع عمه من العراق ، فنزل إبراهيم بفلسطين ، ولوط