الحجارة الواحد دون ملء الكف فهلكوا (إِلَّا آلَ لُوطٍ) وهم ابنتاه معه (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) (٣٤) من الأسحار أي وقت الصبح من يوم غير معين ، ولو أريد من يوم معين لمنع من الصرف ، لأنه معرفة معدول عن السحر ، لأن حقه أن يستعمل في المعرفة بأل ، وهل أرسل الحاصب على آل لوط أو لا ، قولان ، وعبر عن الاستثناء على الأول بأنه متصل ، وعلى الثاني بأنه منقطع وإن كان من الجنس تسمحا (نِعْمَةً) مصدر أي إنعاما (مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ) أي مثل ذلك الجزاء (نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) (٣٥) أنعمنا وهو مؤمن أو من آمن بالله ورسوله وأطاعهما (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ) خوّفهم لوط (بَطْشَتَنا) أخذتنا إياهم بالعذاب (فَتَمارَوْا) تجادلوا وكذبوا (بِالنُّذُرِ) (٣٦) بإنذاره (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ) أي أن يخلي بينهم وبين القوم الذين أتوه في صورة الأضياف ليخبثوا بهم ، وكانوا ملائكة (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) عميناها وجعلناها بلا شق كباقي الوجه بأن صفقها جبريل بجناحه
____________________________________
بسذوم وقراها ، فأرسله الله لهم فكذبوا ، فحل بهم العذاب. قوله : (المنذرة) أي المخوفة. قوله : (ريحا ترميهم بالحصباء) أشار بذلك إلى أن حاصبا اسم فاعل ، صفة لموصوف محذوف ، وفيه دليل على أن إمطار الحجارة وإرسالها عليهم ، كان بواسطة إرسال الريح لها. قوله : (من يوم غير معين) أي غير مقصود تعيينه للمخاطبين ، فلا ينافي تعيينه في الواقع ولمن حضر. قوله : (أي وقت الصبح) هذا تفسير مراد يدل عليه قوله في الآية الأخرى (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) وإلا فحقيقة السحر ما كان آخر الليل ، والباء بمعنى في. قوله : (لأن حقه أن يستعمل في المعرفة) أي في إرادة التعريف. قوله : (تسمحا) أي تساهلا في العبارة ، وأشار بذلك إلى أن وجه كون الاستثناء منقطعا بعيد ، لأن أهل لوط من جنس القوم على كل حال ، سواء قلنا بنزول الحاصب على الجميع ، أو غير أهل لوط ، فتحصل أن الاستثناء متصل على كل حال ، لكون المستثنى من جنس المستثنى منه ، وجعله منقطعا بعيد. قوله : (مصدر) أي مؤكد لعامله في المعنى وهو (نَجَّيْناهُمْ) إذ الإنجاء نعمة أو مفعول لمحذوف من لفظه ، أي أنعمنا عليهم نعمة. قوله : (أي مثل ذلك الجزاء) أي الذي هو الإنجاء.
قوله : (نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) أي فلا خصوصية لآل لوط ، بل هو عام لكل من شكر نعمه تعالى ، قال تعالى (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ) الآية. قوله : (وهو مؤمن) الجملة حالية ، وقوله : (أو من آمن) عطف على (مَنْ شَكَرَ) عطف تفسير ، وفي ذلك إشارة إلى تفسيرين للموصول ، فقيل : إن المراد من شكر النعمة مع أصل الإيمان ، وقيل : هو من ضم إلى الإيمان عمل الطاعات. قوله : (تجادلوا وكذبوا) أشار بذلك إلى أنه ضمن تماروا معنى التكذيب ، فتعدى تعديته. قوله : (بإنذاره) أي أو بالأمور التي خوفهم بها لوط.
قوله : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ) أي أرادوا منه تمكينه ممن أتاه من الملائكة في صورة الأضياف للفاحشة ، والمراودة الطلب المتكرر. قوله : (ليخبثوا بهم) الخبث الزنا ، والمراد به ما يشمل اللواط ، وهو المراد هنا ، وهو من باب قتل. قوله : (عميناها) صوابه أعميناها بالهمز ، لأن عمي ثلاثي لازم ، والمتعدي إنما هو الرباعي. قوله : (وجعلناها بلا شق) هذا أحد قولين ، وقيل : بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم