(جَزاءُ الْإِحْسانِ) بالطاعة (إِلَّا الْإِحْسانُ) (٦٠) بالنعيم (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦١) (وَمِنْ دُونِهِما) أي الجنتين المذكورتين (جَنَّتانِ) (٦٢) أيضا لمن خاف مقام ربه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٣) (مُدْهامَّتانِ) (٦٤) سوداوان من شدة خضرتهما (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٥) (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) (٦٦) فوّارتان بالماء لا ينقطعان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٧) (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٦٨) هما منها وقيل من غيرها (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٩) (فِيهِنَ) أي الجنتين وما فيهما (خَيْراتٌ) أخلاقا (حِسانٌ) (٧٠) وجوها (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧١) (حُورٌ) شديدات
____________________________________
الدنيا ثيبات لم يمسها غيره. قوله : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ) هذه الجملة نعت لقاصرات أو حال منه. قوله : (صفاء) أي فالتشبيه بالياقوت من حيث الصفاء لا من حيث الحمرة ، فلا يقال مقتضاه أن لون أهل الجنة البياض المشرب بالحمرة. قوله : (أي اللؤلؤ بياضا) أي فالمرجان يطلق على الأحمر والأبيض ، والمراد به هنا الأبيض ، روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن المرأة من نساء أهل الجنة ، يرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها».
قوله : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) اعلم أن (هَلْ) ترد لأربعة أوجه : تكون بمعنى قد كقوله تعالى (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) وبمعنى الاستفهام كقوله (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) وبمعنى الأمر كقوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) وبمعنى النفي كقوله : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وكما هنا فهي هنا للنفي ، والمعنى : لا جزاء الإحسان أي الطاعات وترك المعاصي إلا الإحسان أي الثواب الجزيل. قوله : (وَمِنْ دُونِهِما) قيل معناه أدنى منهما ، وأصحاب هاتين الجنتين أهل اليمين ، وهم دون الخائفين مقام ربهم في المنزلة ، وهذا على حد ما يأتي في سورة الواقعة ، أن أهل اليمين أقل من السابقين ، وقيل الجنات الأربع لمن خاف مقام ربه ، ومعنى قوله : (وَمِنْ دُونِهِما) أقرب وأدنى منهما للعرش ، ويؤيده ما ورد أن الأوليين من ذهب وفضة ، والآخريين من ياقوت ، وتقدم أن الأوليين جنة عدن وجنة النعيم ، وهاتان جنة الفردوس وجنة المأوى ، وهو ما مشى عليه المفسر.
قوله : (مُدْهامَّتانِ) من الدهمة وهي السواد. قوله : (من شدة خضرتهما) أي لكثرة بساتينهما. قوله : (فوارتان) أي وليستا كالجاريتين ، لأن النضخ دون الجري ، وهذا بناء على أن هاتين أقل من الأوليين ، وأما على القول بأنهما أعلى منهما ، فمعنى نضاختان كما قال ابن عباس وابن مسعود ، أنهما ينضخان على أولياء الله ، بالمسك والعنبر والكافور في دار أهل الجنة ، كما ينضخ رش المطر ، أو أن المراد فوارتان مع الجري ، ولا شك أنهما أعلى من الجاريتين فقط. قوله : (هما منها) أي من الفاكهة وهو ظاهر ، وقوله : (وقيل من غيرها) أي وذلك لأن النخل كان عامة قوتهم ، والرمان كالشراب ، فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما ، وكانت الفواكه عندهم الثمار التي يعجبون بها ، روي أن نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وكرمها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة منها حللهم ، وثمارها مثل القلال أو الدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس لها عجم ، روي أن الرمانة من رمان الجنة كجلد البعير المقتب ، وروي أن نخل أهل الجنة نضيد ، وثمرها كالقلال ، كلما نزعت منها واحدة ، عادت مكانها أخرى ، العنقود منها اثنا عشر ذراعا. قوله : (أي الجنتين وما فيهما) الخ ، جواب عما يقال : كيف