استحالة استناد المصلحة الواحدة التي يريد الأمر تحصيلها من كلّ واحد على البدل إلى المتعدّد (١).
وفيه : أنّ الظاهر من الخطابات الشرعيّة الواردة في موارد التخيير هو تعلّقها بالأشياء الخاصّة كخصال الكفّارات ، أعني إطعام الستّين أو صيام الستّين أو العتق ، وهذا هو التخيير الشرعيّ بين هذه الامور ، ورفع اليد عن هذا الظاهر وإرجاع الخطاب إلى الجامع محتاج إلى الدليل والاستدلال بالقاعدة المذكورة في غير محلّه ، لما مرّ مرارا من أنّ قاعدة عدم صدور الكثير عن الواحد وقاعدة عدم صدور الواحد عن الكثير مخصوصة بالواحد الشخصيّ فلا تشمل الواحد النوعيّ. ولذا نجد بالوجدان إمكان استناد الواحد النوعيّ إلى المتعدّد كالحرارة ، فإنّها واحد نوعيّ ويستند إلى الحركة تارة وإلى النار اخرى وإلى شعاع الشمس ثالثة ، وهكذا.
وتدارك التخلّف في صيام شهر رمضان واحد نوعيّ يستند إلى الامور الثلاثة ولا إشكال في استناد الواحد النوعيّ إلى المتعدّدات ، فلا وجه لرفع اليد عن ظاهر الخطابات الواردة في موارد التخيير الشرعيّ وإرجاعه إلى جامع وإنكار التخيير الشرعيّ.
ومنها ما يظهر من المحاضرات ، حيث قال إنّ الواجب هو أحد الفعلين أو الأفعال لا بعينه ونحوهما من الجوامع الانتزاعيّة ، بدعوى أنّه لا مانع من تعلّق الأمر بها أصلا ، بل يتعلّق بها الصفات الحقيقيّة كالعلم والإرادة وما شاكلهما ، فما ظنّك بالحكم الشرعيّ الذي هو أمر اعتباريّ محض ، ومن المعلوم أنّ الأمر الاعتباريّ كما يصحّ تعلّقه بالجامع الذاتيّ كذلك يصحّ تعلّقه بالجامع الانتزاعيّ ، فلا مانع من اعتبار الشارع ملكيّة أحد المالين للمشتري عند قول البائع : بعت أحدهما ، بل وقع ذلك في
__________________
(١) اصول الفقه لشيخنا الأراكي : ج ١ ص ١٠٠.