فرع ثبوت المثبت له ، بل ثبوت كلّ شيء لشيء فرع ثبوته ، فما لا شيئيّة له لا تقدّم له ولا تأخّر ولا مقارنة ، فكلّ الحيثيّات مسلوبة عنه سلبا تحصيليّا ، لا بمعنى سلب شيء عن شيء ، بل السلب عنه من قبيل الإخبار عن المعدوم المطلق بأنّه لا يخبر عنه لأجل التوسّل بالعناوين المتحصّلة في الذهن.
وما في بعض التعليقات من أنّ عدم الضدّ من مصحّحات قابليّة المحلّ لقبول الضدّ لعدم قابليّة الأبيض للسواد ولا الأسود للبياض وأنّ القابليّات والاستعدادات والإضافات وأعدام الملكات وإن كان لا مطابق لها في الخارج لكنّها من الامور الانتزاعيّة وحيثيّات وشئون لامور خارجيّة وثبوت شيء لشيء لا يقتضي أزيد من ثبوت المثبت له بنحو يناسب ثبوت الثابت.
فيه ما لا يخفى ، لأنّ قابليّة المحلّ من شئونه في وجوده من غير دخالة عدم شيء فيها ، فالجسم قابل للسواد كان موصوفا بالبياض أو لا ، ولا يتوقّف قابليّته له على عدمه وعدم قبوله في حال اتّصافه به لأجل التمانع بين الوجودين لا لتوقّف القابليّة على عدم الضدّ ، ضرورة أنّ العدم واللاشيء لا يمكن أن يكون مؤثّرا في تصحيح القابليّة بل لا يكون شأن الامور الخارجيّة ولا منتزعا منها ، فما اشتهر بينهم من أنّ للأعدام المضافة حظّا من الوجود كلام مسامحيّ ، لأنّ العدم لا يمكن أن يكون مضافا ولا مضافا إليه ، والإضافة بينه وبين الوجود إنّما هي في ظرف الذهن بين عنوان العدم والوجود لا بين العدم حقيقة والوجود ـ إلى أن قال : ـ وما في كلام المحشّي المحقّق من التسوية بين القابليّات والاستعدادات والإضافات وأعدام الملكات لم يقع في محلّه ، كيف والقابليّات والاستعدادات بل والإضافات لها نحو وجود بخلاف أعدام الملكات فإنّ لملكاتها نحو تحقّق لا لحيثيّة الأعدام (١).
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ١٤ ـ ١٥.