الطرفين أو الأطراف محصّله ، فلا محالة يتوسّل لتحصيل غرضه بهذا النحو بإرادة بعث متعلّق بهذا وإرادة بعث آخر متعلّق بذاك ، مع تخلّل لفظة (أو) لإفهام أنّ كلّ واحد منهما محصّل لغرضه ولا يلزم الجمع بينهما ؛ فهاهنا إرادة متعلّقة بمراد وبعث متعلّق بمبعوث إليه ، كلّها متعيّنات مشخّصات لا إبهام في شيء منها. وإرادة اخرى متعلّقة بمراد آخر وبعث آخر إلى مبعوث إليه آخر كلّها معيّنات مشخّصات ، وبتخلّل كلمة أو وما يراد منها يرشد المأمور إلى ما هو مراده وهو إتيان المأمور بهذا أو ذاك إلخ (١). لما عرفت من أنّ سنخ الطلب في الوجوب التخييريّ غير سنخ الطلب في الوجوب التعيينيّ ، إذ الوجوب التعيينيّ ليس له إلّا شعبة واحدة والوجوب التخييريّ له شعبتان أو شعب في عين كونه طلبا وبعثا واحدا.
هذا مضافا إلى أنّ تعدّد البعث والإرادة مع عدم منافاة بين الأغراض يستلزم تعدّد استحقاق الثواب لو أتى بهما دفعة واحدة ، وهو كما ترى.
المقام الثاني في إمكان تصوير الوجوب التخييري وعدمه بين الأقلّ والأكثر ؛ فيمكن أن يقال بامتناعه بينهما لأنّ الأقلّ ـ ولو وجد في ضمن الأكثر ـ يكون هو الواجب لحصول الغرض به ، ومع حصول الغرض به يكون الزائد عليه من أجزاء الأكثر غير الواجب ، إذ بعد حصول الغرض لا يبقى الأمر ، ومع عدم بقاء الأمر لا وجوب للزائد. وهذا واضح في التدريجيّات من دون فرق بين كون الغرض واحدا أو متعدّدا ، لأنّه مع التعدّد لا يجب الجمع بينهما ، بل يكفي إتيان أحدهما في حصول الغرض وسقوط الأمر ؛ فإذا أتى بالأقلّ أتى بالغرض ، ومع الإتيان به يسقط الأمر ، ومع سقوط الأمر لا مجال لوجوب الأكثر ولو كان الغرض متعدّدا ، وإلّا خرج المورد عن الوجوب التخييريّ ودخل في الوجوبين التعيينيّين.
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ٨٦ ـ ٨٨.