وأمّا في الدفعيّات ؛ فإن كان هنا غرض واحد ففي مناهج الوصول لا يعقل التخيير بينهما أيضا ، لأنّ الغرض إذا حصل بنفس ذراع من الخطّ بلا شرط كان التكليف بالزيادة بلا ملاك فتعلّق الإرادة ، والبعث بها لغو ممتنع ، ومجرّد وحدة وجود الأقلّ بلا شرط مع الأكثر خارجا لا يدفع الامتناع بعد كون محطّ تعلّق الأمر هو الذهن [الذي هو] محلّ تجريد طبيعة المطلوب عن غيره من اللواحق الزائدة.
وإن كان لكلّ منهما غرض غير ما للآخر ؛ فإن كان بين الغرضين تدافع في الوجود فلا يمكن اجتماعهما أو يكون اجتماعهما مبغوضا للأمر ، فلا يعقل التخيير أيضا ، لأنّ الأقلّ بلا شرط موجود مع الأكثر ؛ فإذا وجدا دفعة لا يمكن وجود أثريهما للتزاحم أو يكون اجتماعهما مبغوضا ، فلا يعقل تعلّق الأمر بشيء لأجل غرض لا يمكن تحصيله أو يكون مبغوضا.
وأمّا إذا كان الغرضان قابلين للاجتماع ولا يكون اجتماعهما مبغوضا وإن لم يكن مرادا أيضا فالتخيير بينهما جائز ، لأنّ الأقلّ مشتمل على غرض مطلوب والأكثر على غرض آخر مطلوب ، فإذا وجد متعلّق الغرضين كان للمولى أن يختار منهما ما يشاء (١).
ذهب في الكفاية إلى جواز التخيير بين الأقلّ والأكثر فيما إذا كان كلّ منهما بحدّه محصّلا للغرض ، بحيث لا يكون الأقلّ في ضمن الأكثر محصّلا وبعبارة اخرى أنّ الغرض إذا كان مترتّبا على الأقلّ بشرط لا عن الغير لا على الأقلّ مطلقا جاز التخيير بين الأقلّ والأكثر ، من دون فرق بين أن يكون للأقلّ وجود مستقلّ كتسبيحة واحدة في ضمن التسبيحات الأربع ، أو لا يكون له وجود كذلك كالخطّ القصير في
__________________
(١) مناهج الوصول : ص ٩٠ ـ ٩١.