الفصل العاشر : في تصوير الواجب الكفائيّ :
ولا يخفى عليك أنّ كلّ تكليف لا يخلو عن مكلّف ـ بالفتح ـ والمكلّف في الواجب الكفائيّ ، هل هو الواحد المعيّن عند الله تعالى أو فرد من أفراد المكلّف أو فرد مردّد بينهم أو صرف الوجود أو المجموع أو الجميع؟ فكلّ محتمل والظاهر ـ كما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد ـ هو الأخير ؛ فإنّ لسان الخطابات الكفائيّة كلسان الواجبات العينيّة ، بخلاف الواجبات التخييريّة فإنّها مشتملة على كلمة أو. وعليه ، فنقول إنّ الواجب الكفائيّ كالواجب العينيّ في تعلّق التكليف إلى كلّ واحد ، ومقتضى ذلك هو تعدّد التكليف وتعدّد الامتثال لو أتوا به دفعة ، كما إذا صلّوا على الميّت دفعة ، لأنّ كلّ واحد منهم مؤدّيا للواجب وممتثلا.
وتعدّد العقاب لو لم يأتوا به لأنّ كلّ واحد منهم تارك للواجب ـ نعم ، إذا أتى واحد منهم به سقط التكليف عن الباقين لحصول الغرض وعدم بقاء الموضوع.
لا يقال ـ كما في تعليقة المحقق الأصفهاني قدسسره ـ : إنّ مقتضى تعلّق التكليف إلى كلّ واحد مستقلّا هو أنّه إذا اشرك الكلّ في فعل لا يمكن تعدّده كدفن الميّت ، فلا يصدق الامتثال بالنسبة إلى الجميع ، إذ لم يحصل من كلّ منهم دفن الميّت ، ولا أمر إلّا بدفن الميّت ، فما معنى امتثال كلّ منهم للأمر بدفن الميت؟
لأنّا نقول : إنّ مع اشراك الكلّ لا يبقى موضوع للامتثال ، كما لا يبقى موضوع للامتثال أحيانا للواجب العينيّ كالأمر بغسل الثوب المتنجّس إذا طرحه الريح في الماء