ولقائل أن يقول إنّ هذا ينافي القول بجريان البراءة في الأجزاء والأقلّ والأكثر الارتباطيّين في المركّبات أو القيود المشكوكة في المطلق والمشروط ، بناء على انحلال الوجوب العينيّ المتعلّق بالمركّبات بالنسبة إلى الأجزاء في المركّبات وإلى ذات المقيّد في المشروط ، كما ذهب إليه في تهذيب الاصول (١).
وعليه ، فلا مجال للمنع عن الاستصحاب لثبوت الوجوب العينيّ للأجزاء أو ذات المقيّد ، فبعد حدوث التعذّر بالنسبة إلى بعض الأجزاء أو الشكّ بالنسبة إلى القيود يجري الاستصحاب في الوجوب العينيّ المتعلّق بالأجزاء أو ذات المقيّد.
ومنها ما في منتقى الاصول من أنّ الحقّ جريان الاستصحاب في كلّيّ الوجوب المردّد بين الوجوب الضمنيّ والنفسيّ الاستقلاليّ الثابت أوّلا ، فيكون من القسم الثاني من استصحاب الكلّيّ وذلك بناء على انحلال الأمر بالمشروط لا وحدته الذي هو مبنى جريان البراءة في الشروط ، فإنّ الوجوب الثابت للعمل بذاته في السابق مردّد بين الضمنيّ بناء على وحدة المطلوب والاستقلاليّ بناء على تعدّده فيستصحب الكلّيّ الثابت أوّلا ويترتّب عليه أثره من الدعوة والتحريك (٢).
وفيه أنّه مبنيّ على القول بوجود الوجوب الضمنيّ ، هذا مضافا إلى أنّ الجامع بين الضمنيّ والاستقلاليّ أمر انتزاعيّ وليس له أثر شرعيّ حتّى يترتّب على استصحابه ، فافهم.
ومنها أنّه يمكن أن يقال : إنّ المكلّف بعد كونه مدركا للوقت وصيرورته مخاطبا بإتيان الواجب إذا شكّ بعد انقضاء الوقت وعدم إتيان الواجب أنّه هل يكون باقيا على التكليف السابق أم لا؟ يمكن له أن يستصحب وجوب الإتيان بالواجب وليس
__________________
(١) ج ٢ ص ٣٣١ ـ ٣٤٥.
(٢) ج ٢ ص ٥١٢.