كما لا حاجة إلى إنشاء سنخ الطلب كما في نهاية الدراية (١) : بعد الالتزام بالعموم الاستغراقيّ في ناحية المتعلّق لأنّ النهي ينحلّ بتبع العموم الاستغراقيّ ، ودعوى أنّ استعمال المتعلّق في الأفراد خلاف الوجدان كما في مناهج الوصول غير مسموعة بعد ما عرفت من كثرة استعمال المحرّمات خلافا للواجبات في مبغوضيّة الطبيعة السارية كما هو المتفاهم العرفيّ.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ ما ذكرناه ليس من جهة أنّ المصلحة في طرف الأمر قائمة بصرف وجود الطبيعة ما لم تقم قرينة على الخلاف ، ولأجل ذلك لا ينحلّ الأمر بانحلال أفراد الطبيعة في الواقع وأمّا المفسدة ففي طرف النهي قائمة بمطلق وجودها إلّا إذا قامت قرينة على أنّها قائمة بصرف وجودها مثلا أو بمجموع وجوداتها وهكذا ، ولذلك ينحلّ في الواقع بانحلالها فيثبت لكلّ فرد منها حكم مستقلّ.
حتّى يورد عليه ـ كما في المحاضرات ـ بأنّ (هذا الفرق وإن كان صحيحا في نفسه إلّا أنّه لا طريق لنا إلى إحرازه مع قطع النظر عمّا هو مقتضى إطلاق الأمر والنهي بحسب المتفاهم العرفيّ ومرتكزاتهم وذلك لما ذكرناه غير مرّة من أنّه لا طريق لنا إلى ملاكات الأحكام مع قطع النظر عن ثبوتها ، وعلى هذا الضوء فلا يمكننا إحراز أنّ المفسدة في المنهيّ عنه قائمة بمطلق وجوده والمصلحة في المأمور به قائمة بصرف وجوده مع قطع النظر عن تعلّق النهي بمطلق وجوده وتعلّق الأمر بصرف وجوده) (٢).
وذلك لما عرفت من أنّ كثرة استعمال المتعلّق في النواهي في العموم الاستغراقيّ تكون سببا لظهور النواهي في انحلال الاستغراقيّ فيختلف ظهور النهي مع ظهور الأمر في الواجبات ، لأنّ كثرة الاستعمال فيها متعاكسة. هذا مضافا إلى امكان إحراز المفسدة
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٨٣.
(٢) المحاضرات : ج ٤ ص ٩٧ ـ ٩٦.