بعد كون كلّ فرد مثل المنهيّ وعدم احتمال رفع المبغوضيّة بترك بعض الأفراد.
وأمّا ما ذهب إليه في المحاضرات بعد إطالة الكلام من أنّ (الاختلاف بين الأوامر والنواهي ليس من ناحية اختلافهما في المتعلّق لما عرفت من أنّ متعلّقهما واحد وهو نفس طبيعيّ الفعل فإنّه كما يكون متعلّقا للأمر كذلك يكون متعلّقا للنهي ، بل إنّ ذلك إنّما كان من جهة خصوصيّة في تعلّق الأمر والنهي به وهذه الخصوصيّة هي أنّ المطلوب من الأمر بما أنّه إيجاد الطبيعة في الخارج فلا يمكن أن يريد المولى منه إيجادها بكلّ ما يمكن أن تنطبق عليه هذه الطبيعة لغرض عدم تمكّن المكلّف منه كذلك ، فهذه الخصوصيّة أوجبت أن تكون نتيجة مقدّمات الحكمة فيه هي كون المطلوب هو إيجادها في ضمن فردها المعبّر عنه بصرف الوجود ، والمطلوب من النهي بما أنّه حرمان المكلّف فلا يمكن أن يراد منه حرمانه عن بعض أفرادها لفرض أنّه حاصل قهرا والنهي عنه تحصيل للحاصل ، فهذه الخصوصيّة أوجبت أن تكون نتيجة مقدّمات الحكمة فيه هي كون المطلوب حرمان المكلّف عن جميع أفرادها) (١).
ففيه أنّ البيان المذكور لو تمّ يساعد على ما ذهبنا إليه من كثرة الاستعمال أيضا.
هنا تنبيهان :
التنبيه الأوّل : أنّه لا يخفى عليك أنّ الظاهر من النواهي الواردة في باب العبادات والمعاملات مثل قوله عليهالسلام في غير مأكول اللحم (ولا تلبسوا منها شيئا تصلّون فيه) وفي مثل الحرير المحض (لا تحلّ الصلاة في حرير محض) وفي مثل الغرر (نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الغرر) ونحو ذلك ، هو أنّها إرشاد إلى مانعيّة هذه الأمور عن صحّة العبادات والمعاملات كالأوامر الواردة في باب العبادات والمعاملات فإنّها
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ١٠٧.