قلنا بأنّ النواهي الإرشاديّة ترجع إلى الأوامر الإرشاديّة في المركّبات وتقيّدها بعدم الموانع كما ذهب إليه في المحاضرات إذ لا إشكال أيضا في جريان البراءة بناء على جريانها في الأقلّ والأكثر الارتباطييّن كما هو الحقّ فإنّ مردّ الشكّ حينئذ إلى الشكّ في انطباق الواجب وهو الصلاة المقيّدة بعدم إيقاعها فيما لا يؤكل والميتة ونحوهما على الصلاة المأتيّ بها في الثوب المشكوك وعدم انطباقه إلّا على خصوص المقيّدة بعدم وقوعها في هذا الثوب المشتبه.
ومن المعلوم أنّ على الأوّل يكون الواجب هو الأقلّ وهو المطلق من حيث تقيّده بعدم وقوعه في هذا الثوب وعدم تقيّده به.
وعلى الثاني يكون هو الأكثر وهو المقيّد بعدم وقوعه في هذا الثوب وحيث إنّا لا نعلم أنّ الواجب هو الأقلّ أو الأكثر فيرجع إلى أصالة البراءة عن الأكثر (١).
بل لو قلنا بأنّ المنهيّ هو صرف وجود الطبيعة لأمكن إجراء البراءة أيضا ، كما أفاد في جامع المدارك حيث إنّ المانع على تقدير صرف الوجود أيضا هو نفس الوجودات لا أمر ينطبق على الوجودات حتّى يقال إنّ النهي واحد غيريّ متعلّق بأمر واحد مبيّن بحسب المفهوم فاللازم هو الاحتياط ، وذلك لأنّ الطبيعيّ موجود في الخارج بوجودات الأشخاص فوجود كلّ شخص عين وجود الطبيعيّ غاية الأمر في صورة تعلّق النهي بالطبيعة الساريّة يكون كلّ وجود بخصوصيّته موردا للنهي ، وفي هذه الصورة تكون الخصوصيّات ملغاة والمانع عن الصلاة هو نفس الطبيعيّ المتحقّق في الخارج وحيث إنّ الخارج ليس فيه وجودان أحدهما للطبيعيّ والآخر للفرد بل الأفراد بذواتها وبالجهة المشتركة مورد النهي لا بخصوصيّاتها فمع الشكّ في تحقّق تلك الجهة في المشكوك لا مانع من شمول حديث الرفع ، ومجرّد تبيّن المفهوم مع وقوع الشكّ
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ١٣٨.