هذه النواهي إرشادا إلى مانعيّة هذه الأمور وتقيّد الصلاة بعدمها) (١).
وذلك لما عرفت من ظهور النواهي في الإرشاد إلى مانعيّة وجود الموانع ، وإرجاع النواهي إلى الإرشاد إلى تقيّد العبادة بالترك مع أنّه لا مصلحة في التقيّد خروج عن ظواهر النواهي الإرشاديّة من دون وجه وأمّا عدم حرمة لبس ما لا يؤكل ونحوه بالحرمة التكليفيّة فلا ينافي مانعيّة وجود لبس ما لا يؤكل ونحوه عن صحّة الصلاة ، والكلام في مانعيّة هذه الامور كالمانعيّة في التكوينيّات فكما أنّ المانع هناك يمنع عن تأثير المقتضي ولا يكون عدمه شرطا في التأثير إذ الشرط ما له المدخليّة في التأثير وليس لعدم المانع مدخليّة في التأثير وإنّما عدم المانع بمعنى عدم المزاحمة فالمقتضي يؤثّر بنفسه لا بمعونة عدم المانع حتّى يصحّ أن يقال هو شرط في التأثير.
فكذلك في الموانع الشرعية فإنّها بوجودها تمنع عن صحّة الصلاة وليس معناها هو مدخليّة عدمها في صحّة الصلاة وتأثيرها في أثرها.
التنبيه الثاني : في حكم الشبهة الموضوعيّة من الموانع ، ولا يخفى عليك أنّ الظاهر من النواهي المولويّة أو الإرشاديّة هو الزجر عن وجود طبيعة المنهيّ أو المانع ، وحيث عرفت بكثرة الاستعمال أنّ المنهيّ هو وجود كلّ فرد فرد لا صرف وجود المانع ، فلو شكّ في فرد أنّه من أفراد الطبيعة المنهيّة أم لا فلا ريب في جواز الرجوع إلى أصالة البراءة في النواهي المولويّة لفرض أنّه شكّ في تكليف مستقلّ زائد على المقدار المعلوم بل الأمر كذلك في النواهي الإرشاديّة أيضا فإنّ الشكّ في التكليف الزائد أيضا بعد انحلاله على الأفراد فيندفع المشكوك بالبراءة. هذا كلّه بناء على ما اخترناه من أنّ النواهي الإرشاديّة إرشاد إلى مانعيّة وجود الموانع بل يمكن الأخذ بالبراءة أيضا لو
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ١١٧ ـ ١١٥.