تفسير بلازم المعنى إذ الزجر عن الفعل في النهي ملازم لطلب الترك عقلا كما أنّ البعث نحو الفعل في الأمر ملازم لمبغوضيّة الترك والمنع عنه والدليل على ذلك هو التبادر والمساعدة مع مقام الثبوت إذ مقام الإثبات تابع لمقام الثبوت والإرادة والكراهة في مقام الثبوت متعلّقتان بالفعل.
ولا فرق فيما ذكر بين أن تكون صيغة النهي بنحو لا تفعل أو بنحو أنهاك عن الفعل بل لو قال الناهي اريد منك الترك أو اترك فاللازم هو إرجاعهما إلى إنشاء الزجر عن الفعل لعدم مطلوبيّة الترك بنفسه لخلوّه عن المصلحة حقيقة فلا يصلح للطلب بخلاف الفعل لكونه مشتملا على المفسدة وهو يقتضي الكراهة والزجر عنه.
هذا مضافا إلى أنّ العدم ليس بشيء ولا يمكن أن يكون ذا مصلحة تتعلّق به الإرادة والاشتياق ولا بعث ولا تحريك ولا طلب.
فإذا عرفت أنّ النهي بمعنى الزجر عن الفعل فلا مجال للنزاع في أنّ متعلّق الطلب في النهي هو الكفّ أو نفس أن لا تفعل لما عرفت من أنّ النهي هو الزجر عن الوجود لا طلب الترك والبحث المذكور متفرّع على كون معنى النهي هو طلب الترك.
المبحث الرابع :
في وجه اختلاف الامتثال في الأمر والنهي مع أنّ متعلّقهما هو وجود الفعل إذ الأمر هو البعث نحو وجود الفعل والنهي هو الزجر عن وجود الفعل ومع ذلك يتحقّق الامتثال في الأمر بوجود فرد واحد بخلاف النهي فإنّه لا يتحقّق الامتثال فيه إلّا بترك جميع الأفراد.
وهنا وجوه لبيان سرّ هذا الاختلاف ؛
منها : إنّ وجه ذلك هو اختلافهما في كثرة الاستعمال إذ النهي كثيرا ما يستعمل في الطبيعة السارية بخلاف الأمر فإنّه كثيرا ما يستعمل في مطلق الطبيعة والكثرة موجبة للانصراف وحيث إنّ الكثرة متعاكسة في الأمر والنهي يكون امتثالهما مختلفة