وفي هذا الوجه لا يحتاج إلى جريان مقدّمات الحكمة لأنّه يبتنى على الظهور الانصرافي كما لا يخفى بل مع العصيان في الزمان الأوّل لا حاجة لإفادة بقاء المبغوضيّة في جانب النهي إلى الأخذ بالمقدّمات لأنّ النواهي منحلة بتبع انحلال الأفراد ومن المعلوم أنّ عصيانه بالنسبة إلى فرد من أفرادها لا ينافي بقائه بالنسبة إلى سائر الأفراد.
ومنها : إنّ منشأ الفرق هو العقل لأنّ المتعلّق في الأمر والنهي واحد وهو الطبيعة وإنّما العقل يحكم باختلافهما في الامتثال ضرورة أنّ وجود الطبيعة يكون بوجود فرد واحد ولكن عدمها لا يكاد يكون إلّا بعدم الجميع.
اورد عليه بأنّ التفكيك بين وجود الطبيعة وعدمها غير متصوّر لأنّ الطبيعة توجد بوجودات متعددة ولكلّ وجود عدم هو بديله ونقيضه ولا يعقل الوجود المضاف إلى الماهيّة على نحو يتحقّق بفرد ما ويكون عدم البديل له بحيث لا يكون إلّا بعدم الماهيّة بجميع أفرادها.
فإن كان النظر إلى الطبيعة المهملة كان النظر مقصورا على ذاتها وذاتيّاتها فيقابله إضافة العدم إلى مثلها ونتيجة المهملة جزئية فكما أنّ مثل هذه الطبيعة تتحقّق بوجود واحد فكذلك عدم مثلها.
وإن كان النظر إلى الطبيعة بنحو الكثرة فلعلّ وجود منها عدم هو بديله فهناك وجودات وأعدام وإن كان النظر إلى الوجود بنحو السعة أي بنهج الوحدة في الكثرة بحيث لا يشذّ عنه وجود فيقابله عدم مثله.
ويمكن الجواب عنه بأنّ النظر في ناحية الأمر إلى وجود الطبيعة بمعنى ناقض العدم الكلّي وطارد العدم الأزلي ومن المعلوم أنّه ينطبق على أوّل فرد ووجود من الطبيعة.
فإذا تعلّق النهي بوجود الطبيعة بالمعنى المذكور صار معناه هو الزجر عن ناقض العدم ومن المعلوم أنّه يساوق إبقاء العدم الكلّي على حاله وإبقاء العدم الكلّيّ