عدم القدرة على امتثالهما لأنّه إن فعل ما هو مأمور به فقد عصى النهي وإن تركه عصى الأمر ومع التزاحم لا يجتمع الأمر والنهي عند الكلّ.
فاللازم أن يكون محلّ النزاع هو صورة فرض وجود المندوحة.
ولقد أفاد وأجاد في الوقاية حيث قال يدلّ عنوان المسألة على وجود التكليفين وتنجّزهما وكون اختيار المكلّف الفرد المجامع للحرام في مقام الامتثال من سوء اختياره ومع عدم المندوحة لا تكليف حتّى يتنازع في حصول الامتثال به ، وبالجملة نزاع القوم في مقام الامتثال بعد فرض الأمر ، ومع عدم المندوحة لا أمر إلّا أن يغيّر عنوان المسألة فشأنه حينئذ وذاك (١).
وجعل النزاع جهتيّا ومختصّا بمقام الجعل كما في الكفاية خلاف شأن الاصوليّ لأنّ غرض الاصوليّ يترتّب على الجواز الفعليّ وهو متفرّع على ملاحظة تعميم البحث وإثبات الجواز من جميع الوجوه منها المندوحة وإلّا فلا يكون الجواز فعليّا.
وهكذا القول بأنّ عدم المندوحة في البين يوجب وقوع التزاحم بين التكليفين على القول بالجواز في المسألة لا أنّه يوجب عدم صحة النزاع فيها كما في المحاضرات (٢) لا يخلو من الإشكال والنظر لأنّ مع عدم المندوحة وانحصار الامتثال في مورد الاجتماع لا بسوء الاختيار لا نزاع للاتّفاق على الامتناع لاستحالة فعليّة التكليفين مع عدم القدرة على امتثالهما.
وأيضا التفصيل بين إرادة حصول المندوحة لكلّ واحد من المكلّفين من قيد المندوحة وبين إرادة كون العنوانين ممّا ينفكّان بحسب المصداق والقول بعدم لزوم الأوّل لأنّ الكلام في جواز تعلّق الحكمين الفعليّين بعنوانين ولا يتوقّف ذلك على المندوحة لكلّ واحد وبأنّ اعتبار المندوحة بالمعنى الثاني لازم البحث من غير احتياج
__________________
(١) الوقاية : ص ٣٣٤.
(٢) المحاضرات : ج ٤ ص ١٩٠ و ١٩١.