وذلك واضح ولا يحتاج إلى إقامة دليل آخر كما لا يخفى.
ولكن مع ذلك ذهب بعض إلى الاستدلال بامور :
من جملتها : أنّه لو لم يجز اجتماع الأمر والنهي لما وقع نظيره وقد وقع كما في العبادات المكروهة كالصلاة الواجبة في الحمّام حيث اجتمع فيها الوجوب مع الكراهة أو كصلاة النافلة المبتدأة عند غروب الشمس أو طلوعها حيث اجتمع فيها الاستحباب مع الكراهة.
ومن الواضح أنّ وقوع شيء في الخارج أدلّ دليل على إمكانه وجوازه ، بيان الملازمة أنّه لو لم يكن تعدّد الجهة مجديا في إمكان اجتماعهما لما جاز اجتماع حكمين آخرين في مورد مع تعدّد الجهة لعدم اختصاص الوجوب والحرمة من بين الأحكام بالتضادّ إذ جميع الأحكام بأسرها متضادّة ، والتالي باطل لوقوع اجتماع الوجوب مع الكراهة أو الاستحباب معها أو اجتماع الوجوب مع الإباحة أو الاستحباب مع الإباحة أو اجتماع الاستحباب مع الاستحباب.
اورد عليه في نهاية الاصول بأنّ المحقّق إنّما هو صحّة العبادات المكروهة وأمّا كونها متعلّقة للأمر والنهي معا فغير مصرّح به في كلام الأصحاب ، فلعلّ صحّتها من جهة واجديّتها للملاك وعدم مانعيّة النهي التنزيهيّ عن مقرّبيّتها من دون أن تكون بالفعل مأمورا بها.
وبالجملة يمكن أن تكون متعلّقة للنهي فقط وتكون صحّتها من جهة الملاك لا الأمر والنهي التنزيهيّ غير مانع عن صحّتها لعدم كونه موجبا للبعد عن ساحة المولى (١).
وعليه فالاستدلال بهذا الدليل لجواز اجتماع الأمر والنهي في غير محلّه.
__________________
(١) نهاية الاصول : ج ١ ص ٢٦٧.