ولذلك يكون الأنسب أن يجعل في العنوان لفظ الكشف ويقال هل النهي عن الشيء يكشف عن الفساد أو لا.
وأمّا الاقتضاء بمعناه الفلسفيّ فلا مجال له لعدم التأثير والتأثّر بين لفظ النهي والفساد كما لا يخفى ، وسيأتي إن شاء الله تعالى أنّ الدلالة الالتزاميّة ممنوعة في المقام لفقدان شرطها من كون التلازم ذهنيّا وواضحا.
المقدّمة الثالثة : في تحرير محلّ النزاع
ولا يخفى عليك أنّ محلّ النزاع هو دلالة النواهي المولويّة وعدمها على الفساد لا الإرشاديّة الدالّة على المانعيّة في المعاملات كالنهي عن الغرر ، وفي العبادات كالنهي عن الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه ، إذ بعد إحراز كون النواهي هي الإرشاديّة إلى المانعيّة فلا خفاء في دلالتها على الفساد لأنّ مقتضى اعتبار عدم وجود شيء في صحّة المعاملة أو العبادة هو عدم شمول أدلّتهما لهما مع وجود الشيء المذكور واختصاصهما بغير صورة وجود الحصّة المنهيّ عنها وهذا ليس إلّا الفساد.
إدراج النواهي التنزيهيّة
ثمّ إنّ النواهي المولويّة هل تختصّ بالتحريميّة أو تعمّ التنزيهيّة ولو بتعميم الملاك ، ذهب في الكفاية إلى الثاني وإن كان ظاهر النواهي المولويّة هي التحريميّة وذلك لعموم ملاك البحث ، إذ سيأتي إن شاء الله تعالى أنّ منشأ اقتضاء الفساد هو كاشفيّة النهي عن المرجوحيّة ومبغوضيّة متعلّق النهي فإنّ مع المبغوضيّة والمرجوحيّة لا يصلح المتعلّق للتقرّب.
وهذا الملاك موجود في النواهي التنزيهيّة أيضا لأنّها تدلّ على مرجوحيّة المتعلّق وهو مع المرجوحيّة لا يصلح للتقرّب ، والكلام فيما إذا تعلّق النهي بذات العبادة لا بالخصوصيّات اللاحقة بذاتها ، ولا إشكال حينئذ في دلالة النواهي على مرجوحيّة ذات العبادة ومبغوضيّتها ، ومن المعلوم أنّه لا يمكن التقرّب بالمبغوض والمرجوح وإن