آخر محرّم هو مخالفة المولى (١).
لما عرفت من أنّ المراد من عصيان السيّد في صدر الروايات هو العصيان الوضعيّ كما يشهد له عدم الحرمة التكليفيّة لمجرّد الإنشاء ، والسؤال عن الحرمة التكليفيّة بعد قول الإمام عليهالسلام عاص لمولاه في صحيحة منصور بن حازم ووحدة قوله فإنّه في أصل النكاح كان عاصيا في صحيحة زرارة مع قوله إنّ أصل النكاح فاسد ولا يحلّ إجازة السيّد له في صحيحته الاخرى.
ولا دليل على حرمة مخالفة العبد لمولاه في مثل الإنشاء المذكور حتّى يكون الإنشاء مصداقا للمخالفة المذكورة المحرّمة فإذا عرفت أنّ المعصية المثبّتة في صدر الروايات هي المعصية الوضعيّة فالمعصية المنفيّة في طرف الله تعالى أيضا هي المعصية الوضعيّة ، وعليه فالروايات أجنبيّة عن المقام الذي يبحث فيه عن النواهي التكليفيّة ولا أقلّ من الشكّ في أنّ المراد من العصيان هو العصيان التكليفيّ أو الوضعيّ ومع الإجمال لا تدلّ الروايات على خلاف ما اقتضت القاعدة في النواهي التكليفيّة من عدم اقتضائها للفساد ، هذا كلّه على فرض تسليم كون النواهي في المعاملات تكليفيّة وأمّا على ما مرّ من أنّ المتفاهم العرفيّ في النواهي الواردة في المعاملات أنّها للإرشاد فلا ريب في دلالتها على الفساد لإرشادها إلى وجود المانع فلا تغفل.
تبصرة : ولا يذهب عليك أنّه حكي عن أبي حنيفة والشيبانيّ دلالة النواهي التكليفيّة الواردة في المعاملات والعبادات على الصحّة خلافا لما عرفت من ملازمتها مع الفساد في العبادات دون المعاملات فإنّها لا تدلّ على الفساد كما لا تدلّ على الصحّة.
واستدلّ لهما بأنّ النهي زجر عن إتيان المبغوض ومع الفساد لا يقدر المكلّف على إيجاده والنهي مع عدم قدرة المكلّف يكون لغوا فمثل البيع الربوي وصوم يوم
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٦٥ ـ ١٦٧.