فهذه العلّة أيضا لم توجد فمع عدم وجود علل وجود الشيء رتّب عدم الشيء على عدم المفروض وجوده فمن هذا البيان الذي أفاد إجماله المحقّق الأصفهاني يظهر أنّ الالتزام بأنّ أداة «لو» للامتناع ليس التزاما بالمفهوم وبالعلّيّة المنحصرة لمدخولها (١).
اللهمّ إلّا أن يقال : أنّ أداة «لو» إن لم تفد أنّ امتناع التالي لامتناع المقدّم واحتمل أن يكون امتناع التالي لأمر آخر غير موجود في الماضي لما اسند الامتناع إلى المقدّم بل لزم أن يسند إلى أمر آخر أيضا وحيث إنّ الإسناد إلى أمر آخر مفقود فليس امتناع التالي إلّا لامتناع المقدّم وهو مساوق لدلالة أداة «لو» أو الجملة الشرطيّة لحصر العلّة في المقدّم.
ومنها : ما في نهاية الأفكار من إطلاق الجزاء وبيان ذلك أنّ طبع القضايا الإنشائيّة والحمليّة في نفسها يقتضي الظهور الإطلاقيّ الموجب لحصر الطبيعيّ في قوله أكرم زيدا في حكم شخصيّ محدود بحدّ خاصّ فإذا أنيط ذلك بالشرط في القضيّة الشرطيّة يلزم انتفاء ذلك عند الانتفاء وحيث أنّه فرض انحصار الطبيعيّ بهذا الشخص بمقتضى الظهور الإطلاقي فقهرا يلزمه انتفاء الحكم السنخيّ بانتفائه من دون احتياج إلى إثبات العلّيّة المنحصرة وذكر لذلك مقدّمات طويلة (٢) ولكنّها لا تثبت مقصوده لأنّ المقدّمة الأصلية هي إطلاق القضيّة الإنشائية من جهة موضوعها بحسب الأحوال من القيام والقعود والمجيء وعدمه وهي مخدوشة لأنّ إناطتها بالشرط وهو المجيء يمنع عن إطلاقها بالنسبة إلى عدم المجيء ومع عدم إطلاق القضيّة الإنشائيّة لتلك الحالة فلا دليل على نفي الحكم الآخر في صورة عدم المجيء إلّا القضيّة الشرطيّة وهي متوقّفة على إفادة العلّية المنحصرة.
وبعبارة أخرى أنّ الحكم في القضيّة الإنشائيّة وإن كان مطلقا باعتبار إطلاق
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٦١.
(٢) نهاية الأفكار ج ٢ ص : ٤٧٩ ـ ٤٨٠.