المجيء مثلا استحال أن يكون للوجوب فرد آخر بعلّة أخرى (١).
والقول بأنّه يصحّ مع تسليم الحكم العقليّ بانتفاء الحكم عقلا لانتفاء موضوعه أن ينازع في أنّ اللفظ أيضا يدلّ على هذا الانتفاء أم لا منظور فيه إذ لا داعي لذلك عرفا مع الحكم العقلي فتدبّر.
وإليه يؤول ما في مناهج الوصول من أنّ الهيئة وإن كانت جزئيّة لكن تناسب الحكم والموضوع يوجب إلغاء الخصوصيّة وجعل الشرط علّة منحصرة لنفس الوجوب وطبيعيه فبانتفائه ينتفي طبيعيّ الوجوب (٢).
ولعلّ هو مراد الشيخ الأعظم قدسسره ممّا حكى عنه في الوجوب الإنشائيّ من أنّ ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد العلّيّة (المنحصرة) المستفادة من الجملة الشرطيّة حيث كان ارتفاع شخص الوجوب ليس مستندا إلى ارتفاع العلّة المأخوذة فيها فإنّه يرتفع ولو لم يوجد في حيال أداة الشرط كما في اللقب والوصف (٣).
وأمّا بناء على عدم كون المعاني الحرفيّة وأشباهها جزئيّة بل كونها كلّية كما ذهب إليه في الكفاية فالمعلّق في القضيّة الشرطيّة هو نفس الوجوب والخصوصيّات الناشئة من قبل الاستعمال من خصوصيّات معناها المستعملة فيه.
وممّا ذكر يظهر أنّه إذا كان مفاد الجزاء هو الإخبار عن الحكم الكلّي بداعي الإنشاء فلا كلام فيه من جهة أنّ الانتفاء عند الانتفاء من جهة المفهوم كقول القائل إذا جاء زيد يكون إكرامه واجبا مما عبّر عنه بنحو القضيّة الخبريّة فإنّ المستعمل فيه في الخبريّة ليس بجزئيّ بل هو كلّي ولا يضرّه أنّ المتكلّم في مقام الإنشاء إذ الجملة مستعملة في الخبريّة بداعي الإنشاء وعليه فهذه الجملة تدلّ على ثبوت الجزاء عند
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٦٥.
(٢) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٨٩.
(٣) الكفاية : ج ١ ص ٣١١ ـ ٣١٢.