الثاني : بالجواب البنائيّ بأنّا لو سلّمنا حاجة العبادة إلى قصد الأمر ، فالحكم ببطلان العبادة لعدم الأمر صحيح بالنسبة إلى المضيّقين كالإزالة وصلاة آية الزلزلة ، وكإنقاذ الابن وإنقاذ الأخ في زمان واحد ، لعدم تعلّق الأمر بالمهمّ كإنقاذ الأخ ، سواء قلنا بأنّ الأمر بالأهمّ مستلزم للنهي عن ضدّه أو لم نقل. وأمّا إذا كان التزاحم بين الموسّع والمضيّق كالإزالة والصلاة فلا نسلّم بعدم الثمرة لما حكي عن المحقّق الثاني قدسسره من أنّ الثمرة متحقّقة فإنّ العبادة تقع فاسدة بناء على استلزام الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ، وتقع صحيحة بناء على عدم الاقتضاء والاستلزام.
بيان ذلك كما في المحاضرات : أنّا قد ذكرنا في بحث تعلّق الأوامر بالطبائع أو الأفراد أنّ الصحيح هو تعلّقها بالطبائع الملغاة عنها جميع الخصوصيّات والتشخّصات دون الأفراد ، وعلى هذا فالمأمور به هو الطبيعة المطلقة ، ومقتضى إطلاق الأمر بها ترخيص المكلّف في تطبيق تلك الطبيعة على أيّ فرد من أفرادها شاء تطبيقها عليه من الأفراد العرضيّة والطوليّة ، ولكن هذا إنّما يكون فيما إذا لم يكن هناك مانع عن التطبيق ، وأمّا إذا كان مانع عنه ، كما إذا كان بعض أفرادها منهيّا عنه ، فلا محال يقيّد إطلاق الأمر المتعلّق بالطبيعة بغير هذا الفرد المنهيّ عنه ، لاستحالة انطباق الواجب على الحرام. ويترتّب على ذلك أنّه بناء على القول باقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه كان الفرد المزاحم من الواجب المطلق منهيّا عنه فيقيّد به إطلاق الأمر به ، كما هو الحال في بقيّة موارد النهي عن العبادات ، لاستحالة أن يكون الحرام مصداقا للواجب ونتيجة ذلك التقيّد هي وقوعه فاسدا بناء على عدم كفاية اشتماله على الملاك في الصحّة ـ إلى أن قال ـ :
وأمّا بناء على القول بعدم الاقتضاء ، فغاية ما يقتضيه الأمر بالواجب المضيّق هو عدم الأمر بالفرد المزاحم لاستحالة الأمر بالضدّين معا ، وهذا لا يقتضي فساده ، لأنّ متعلّق الوجوب صرف وجود الطبيعة ، وخصوصيّة الأفراد جميعا خارجة عن