من ناحية.
ومن ناحية أخرى أنّا قد ذكرنا غير مرّة أنّ القضيّة الحقيقيّة ترجع إلى قضيّة شرطيّة مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي أنّ عدم دخل الأسباب الشرعيّة في أحكامها كدخل العلّة الطبيعيّة في معلولها لا يستلزم كونها معرّفات محضة بل هي موضوعات لها وتتوقّف فعليّتها على فعليّة تلك الموضوعات ولا تنفكّ عنها أبدا ومن هنا تشبه العلّة التامّة من هذه الناحية أي من ناحية استحالة انفكاكها عن موضوعاتها (١).
وقال سيّدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره إن أريد من كون الأسباب الشرعيّة معرّفات أنّ بعضها معرّف لبعض آخر ففيه أنّه خلاف الظاهر لظهور كلّ شرط في الحدوث عند الحدوث ولازم معرّفيّة بعض لبعض آخر هو دلالة المعرّف على مجرد الثبوت لا الحدوث عند الحدوث.
وإن أريد من أمارية الأسباب الشرعيّة أنّ السبب الشرعيّ الأوّليّ أمارة على السبب الواقعيّ والسبب الشرعيّ الثاني أيضا أمارة على سبب واقعي آخر فلازم ذلك هو تعدّد الأسباب الواقعيّة ويساعده ظهور القضيّة الشرطيّة في الطبيعة الساريّة والحدوث عند الحدوث ولا وجه لرفع اليد عن الظهور المذكور بحمل الأسباب الشرعيّة على معرّفات عديدة بالنسبة إلى مسبّب واقعيّ واحد فاتضح أنّه لا مدخليّة للمعرفيّة في مسألة التداخل وعدمه.
وإنّما المدخليّة لما عرفت من ظهور القضيّة الشرطيّة في الطبيعة الساريّة والحدوث عند الحدوث مع تقديم ظهور الشرط على ظهور الجزاء من دون فرق بين
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ١١٣ ـ ١١٤.