ولذلك قال الشيخ الأنصاريّ على المحكيّ أنّ تعدّد الأثر يوجب تعدّد الفعل ولا يكفي إيجاد فعل واحد في مقام فعلين الى أن قال : أنّ متعلّق التكاليف حينئذ هو الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الأوّل ولا يعقل تداخل فردين من ماهيّة واحدة ولا يعقل ورود دليل على التداخل أيضا على ذلك التقدير إلّا أن يكون ناسخا لحكم السببيّة.
وأمّا تداخل الأغسال فبواسطة تداخل ماهيّاتها كما كشف عنه الرواية مثل تداخل الإكرام والضيافة فيما إذا قيل : إذا جاء زيد فأكرم عالما وإن سلم عليك فأضف هاشميّا فعند وجود السببين يمكن الاكتفاء بإكرام العالم الهاشميّ على وجه الضيافة فيما لو قصد امتثال الأمرين في التعبّديّات وأين ذلك من تداخل الفردين.
لا يقال : إنّ تعدّد الأسباب يحتمل أن يكون كاشفا عن تعدّد ماهيّات المسبّبات أيضا فيصحّ دعوى الاكتفاء لأنّا نقول ظهور لفظ المسبّب في ماهيّة واحدة مما لا يقبل الانكار ولو سلّمنا فلا يجدي لعدم العلم بالتصادق لإمكان المباينة فالقاعدة قاضية بالتعدّد (١).
أورد عليه في مناهج الوصول بقوله : وفيه أنّه إن كان مراده من الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الأوّل هو الفرد الخارجي كما هو الظاهر فتداخل الفردين غير معقول بلا إشكال لكن تعلّق الحكم بالفرد الخارجي ممتنع.
وإن كان المراد هو العنوان القابل للانطباق على الخارج وإن سمّاه فردا لكونه تحت العنوان العامّ فعدم إمكان تداخل العنوانين من ماهيّة واحدة غير مسلّم بل القيود الواردة على ماهيّة مختلفة فقد تكون موجبة لصيرورة المقيّدين متباينين كالإنسان الأبيض والأسود وقد لا تكون كذلك كالإنسان الأبيض والعالم ممّا بينهما
__________________
(١) تقريرات الشيخ الأعظم (قدسسره) : ص ١٧٨ ـ ١٧٩.