يظهر من تعاريف القوم منهم الحاجبي حيث قال المنطوق هو ما دلّ عليه اللفظ في محل النطق والمفهوم هو ما دلّ عليه اللفظ لا في محلّ النطق.
قال الشيخ الأعظم قدسسره : إنّ لفظة «ما» موصولة فتدلّ على أنّ المنطوق وخلافه من أوصاف المدلول.
ويظهر ممّا ذكرناه من اعتبار التابعيّة بين المفهوم والمنطوق باعتبار اشتمال المنطوق على خصوصيّة تستتبع القضيّة غير المذكورة خروج مثل وجوب المقدّمة على المفهوم لأنّ الصيغة الدالّة على وجوب ذي المقدمة لا تشتمل على خصوصيّة تدلّ باعتبارها على وجوب مقدّماته بل منشأ وجوب المقدّمة على تقدير ثبوته هو الملازمة العقلية بين الوجوبين مع عدم خصوصيّة في صيغة وجوب ذي المقدّمة.
وهكذا يظهر خروج دلالة الاقتضاء عن المفهوم كدلالة للآيتين أي قوله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقوله عزوجل : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) على أنّ مدّة أقلّ مدّة الحمل هو ستّة أشهر وذلك لأنّ هذه الدلالة تكون بحكم العقل إذ لا يمكن جعل مدّة الرضاع حولين مع زيادة مدّة الحمل عن ستّة أشهر وإلّا لزم ازدياد الحمل والفصال عن ثلاثين شهرا هذه الدلالة كما عرفت من جهة حكم العقل جمعا بين الآيتين لا من جهة خصوصيّة مذكورة في إحدى الآيتين ثمّ لا يذهب عليك أنّ استفادة المفهوم من المنطوق على القول بها تكون باعتبار اشتمال المنطوق على الخصوصيّة المستتبعة للقضيّة غير المذكورة ومن المعلوم أنّها هي استفادة من ألفاظ المنطوق باعتبار وضع أداة الشرط أو القضيّة الشرطيّة أو مقدمات الإطلاق الجارية في الكلام.
وعليه فما نسب الى القدماء من أنّ الدلالة على المفهوم من باب دلالة الأفعال لبناء العقلاء على حمل الفعل الصادر عن الغير على كونه صادرا عنه لغاية وفائدة لا لغوا وأنّ الغاية المنظورة هي إفادة المعنى أيّ شيء كان وليس هذا مربوطا بباب دلالة