ومن المعلوم إنّ مع إمكان الترتّب يكون الفرد المزاحم بالأهمّ أيضا ذا أمر فلا وجه تعول شيخنا البهائي قدسسره من فساد العبادة عند التزاحم لعدم الأمر سواء قلنا باقتضاء الأمر بالشيء للنهى عن ضدّه أو لم نقل لما عرفت من وجود الأمر بناء على إمكان الترتّب ثمّ إنّ الفرق بين الترتّب وما ذهب إليه المحقّق الثاني هو إنّ المصحّح للعبادة عند المحقّق الثاني هو الأمر المتعلّق بالطبيعة والفرد لا يكون له أمر لعدم القدرة الشرعيّة بالنسبة إليه ولكن يمكن للمكلّف أن يأتي بالفرد المزاحم بالأهمّ بقصد الأمر المتوجّه إلى الطبيعة.
هذا بخلاف الترتّب ، فإنّ الفرد المذكور له أمر ؛ فيمكن للمكلّف أن يقصد أمر الفرد المذكور لتحقّق الامتثال. هذا مضافا إلى فرق آخر وهو أنّ الأمر المصحّح لقصد الامتثال بناء على قول المحقّق الثاني يكون في عرض الأمر بالأهمّ إذ أمر طبيعة الصلاة لا يترتّب على عدم تأثير الأمر بطبيعة الإزالة ، بخلاف الأمر الترتّبيّ فإنّه في طول الأمر بالأهمّ لأنّه مترتّب على عدم تأثير الأمر بالأهمّ في المكلّف.
أحسن التقريب في الترتّب
ثمّ إنّ للترتّب تقريبات متعدّدة أحسنها هو أن يقال : إذا تزاحم أمران أحدهما أهمّ من الآخر فلا يمكن أن يقتضي كلّ واحد متعلّقه بالفعل مطلقا ، لاستحالة فعليّة مقتضاهما معا ، لوجود التضادّ بينهما وإن كان المكلّف في كمال الانقياد ؛ كما لا يمكن أن يتعلّق الأمر بالجمع بينهما من أوّل الأمر ، إذ لا واقع له ولا يكون جائزا بعد استحالته.
ولكن يمكن أن يكون المقتضيان مترتّبين بأن يكون أحدهما وهو المهمّ لا اقتضاء له إلّا عند عدم تأثير الأهمّ ، فمع تأثير الأهمّ لا موضوع لتأثير المهمّ ، ومع عدم تحقّق موضوع التأثير للأمر بالمهمّ يستحيل مانعيّته عن تأثير الأمر المتوجّه بالأهمّ ومع عدم تأثير أمر الأهمّ فلا مانع من فعليّة تأثير أمر المهمّ المعلّق على عدم تأثير