والأصل في القيود وإن كان للاحتراز إلّا أنّه لدفع احتمال كون الوصف مذكورا من باب الاهتمام أو التوضيح أو الابتلاء وإثبات دخالته في تحقّق موضوع الحكم وهذا لا يوجب حمل الأوصاف والقيود على بيان العلّة فضلا عن انحصارها لأنّ الاحتراز يكفيه دخالة القيود والأوصاف في تحقّق موضوع الحكم وتضيقه ولا موجب للأزيد منه ما لم يقم قرينة خاصّة وبالجملة إثبات شيء لشيء لا ينفي إثباته عمّا عداه.
فإذا قيل جئني بحيوان ناطق لا يدلّ هذه الجملة إلّا على مطلوبيّة إيتاء الانسان للخدمة ولا ينافي هذا مطلوبيّة إيتاء الحيوان أيضا لجهة من الجهات كالركوب ونحوه ولذا لو قيل بعد هذه العبارة جئني بحيوان فهم منه تعدّد المطلوب فكما أنّ جئني بإنسان لا مفهوم له فكذلك جئني بحيوان ناطق لا مفهوم له ووصف الناطقية لا يدلّ على انحصار المطلوبيّة في الحيوان الناطق كما لا يخفى.
ومنها أنّه لو لم تدلّ القضيّة الوصفيّة على المفهوم فلا موجب لحمل المطلق على المقيّد وقد أنكر شيخنا بهاء الدين قدسسره على منكري مفهوم الوصف بقوله بأنّهم قد قيّدوا بمفهوم الصفة في نحو أعتق في الظهار رقبة مؤمنة فإذا لم يكن مفهوم الصفة حجة عندهم كيف يقيّدون بها فما هذا إلّا التناقض.
فممّا ذكر يظهر أنّ مورد عدم حجّيّة المفهوم مختصّ بغير موارد الإطلاقات وأمّا فيها فمفهوم الوصف حجّة.
يمكن أن يقال لا فرق في عدم حجّيّة مفهوم الوصف بين موارد الإطلاقات وغيرها ما لم يحرز وحدة المطلوب بقرينة خارجيّة إذ لا وجه لحمل المطلقات على المقيّدات في المثبتات لاحتمال مطلوبيّة كليهما فمع عدم إحراز وحدة المطلوب فالمقيّد يدلّ على مطلوبيّة المقيّد ولا ينافي ذلك مع مطلوبيّة المطلق أيضا بدليل آخر وعليه فانتفاء الوصف لا يدلّ على عدم حكم آخر بالنسبة إلى ذات الموصوف بعد احتمال تعدّد المطلوب.