ويشهد على تبادر الاختصاص والحصر من الاستثناء قبول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إسلام من قال كلمة لا إله إلّا الله إذ ليس هذا إلّا لدلالة هذه الكلمة على التوحيد والإخلاص ولو كان الاستثناء مهملا من ناحية حكم المستثنى فلا وجه للقبول المذكور كما لا يخفى.
ثمّ وقع الكلام استطرادا في أنّ كلمة التوحيد تفيد توحيد الذات أو توحيد المعبود ذهب الشيخ الأعظم إلى الأوّل وتبعه المحقّق الخراساني قدسسره وقال في الكفاية إنّ المراد من الإله هو واجب الوجود ونفي ثبوته ووجوده في الخارج وإثبات فرد منه فيه وهو الله يدلّ بالملازمة البيّنة على امتناع تحقّقه في ضمن غيره تبارك وتعالى ضرورة أنّه لو لم يكن ممتنعا لوجد لكونه من أفراد الواجب.
وأورد عليه بأنّ هذا المعنى بعيد عن أذهان العامّة هذا مضافا إلى أنّ العرب في صدر الإسلام لم يكونوا مشركين في أصل واجب الوجود بل كانوا مشركين في العبادة فكلمة الإخلاص ردع لهم في الشرك في العبادة فقبول كلمة التوحيد إنّما هو لأجل نفي الآلهة (أي المعبودين) لا إثبات وجود الباري تعالى فإنّه كان مفروغا عنه.
على أنّ لفظة الإله تطلق على المعبود بحسب اللغة لا واجب الوجود فالمناسب أن يراد منها في كلمة التوحيد المعبود بالحق أي لا معبود بالحقّ إلّا الله.
ويمكن الجواب بأنّ ارتكاز وحدة الخالق وواجب الوجود غير بعيد عن أذهان الآحاد ولذا متى سئل المشركون عن خالق السموات والأرض أجابوا بأنّه هو الله ومع وجود هذا الارتكاز لا مانع من إرادة التوحيد الذاتي.
ودعوى أنّ العرب كانوا مشركين في العبادة لا في الذات فلا حاجة إلى التوحيد الذاتي كما ترى إذ هذه الكلمة ليست مخصوصة بجماعة المشركين المعاصرين للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين اعتقدوا بوجود الخالق الأصلي بل هي لجميع الطوائف والملل ولو لم يعتقدوا بوجود الخالق أصلا كالمادّيين والملحدين فلا وجه لتخصيص هذه الكلمة بتلك