التعارض بينهما يكون تعارضا تباينيّا يندرجان تحت أخبار العلاجيّة فيحكم بتقدّم ذي المرجّح فيحمل العلّة على الحكمة إن كان الترجيح مع مقابلها وبالتخيير عند عدم المرجّح مثلا إذا ورد بعد النهي عن شرب الخمر بمثل قوله عليهالسلام لا تشرب الخمر لأنّه مسكر «ما كان كثيره يسكر فقليله حرام ولو لم يكن مسكرا» يقع التعارض بينهما لأنّ النسبة بين التعليل وبين الدليل الوارد هي التباين ضرورة أنّ مفاد منطوق ما كان كثيره يسكر فقليله حرام هو حرمة ما كان كثيره يسكر ومقتضاه أنّ القليل مع عدم كونه بمسكر فهو حرام.
وقضيّة مفهوم العلّة حلّيّة كلّ ما ليس بمسكر لأنّ ذلك مقتضى انحصار علّة الحرمة في الإسكار وعليه فالتعارض يوجب اندراجهما تحت أخبار العلاجيّة ذهب بعض إلى تقدّم مفهوم التعليل على المنطوق بدعوى أنّه لو كان نفس كونه مفهوما سببا لتأخّره تلزم اللغويّة فلا بدّ وأن يكون المرجّح أمورا أخرى حتّى يتقدّم المفهوم أحيانا ويتأخّر أخرى ولا مرجّح في البين فتدور المسألة بين اندراجها في الأخبار العلاجيّة وبين إنكار أصل المفهوم للتعليل لعدم تماميّة مقدّمات الإطلاق لاثبات انحصار العلّة مطلقا (١).
وفيه أوّلا أنّه يلزم اللغويّة فيما إذا كان المفهوم بعنوان أنّه المفهوم سببا لتأخّره في جميع الموارد لا في بعض الموارد أحيانا وعليه فلو قلنا بتأخّر المفهوم في موارد خاصّة من موارد المعارضة من جهة كونه مفهوما لا يلزم اللغويّة.
وثانيا : أنّ عدم تماميّة مقدّمات الإطلاق لإثبات الانحصار مطلقا غير سديد بعد ما عرفت من تقريب كون العلّة مخصّصة ومعمّمة فانحصر الأمر في الاندراج في أخبار العلاجيّة.
__________________
(١) تحريرات في الأصول : ج ٥ ص ١٤١.