ولو فرض جواز الجمع وأتى بالأهمّ كالإزالة والصلاة في أوّل الوقت ، وقع كلّ منهما على صفة المطلوبيّة ، لأنّ عنوان الذي يعصي ما دام لم يتحقّق العصيان لا يوجب سقوط الأمر بالاتيان بالأهمّ ، والمفروض أنّ شرط المهمّ حاصل بإطلاق عنوان الانتزاعيّ ، كالذي يعصى ، فيكون المهمّ مطلوبا (١).
لأنّا نقول : إنّ الأمر الترتّبي لا يدلّ على مطلوبيّة الجمع ، ومطلوبيّة مثل الإزالة والصلاة في المتضيّقين على فرض اجتماعهما ليست مستفادة من الأمر الترتّبيّ ، بل مستفادة من الخارج.
وبالجملة ، يكفي لعدم ملازمة الأمر الترتّبيّ لمطلوبيّة الطرفين وجمعهما ما عرفت من المثال العرفيّ ، ولعلّ ذلك من جهة توقّف مطلوبيّة المهمّ على عدم مؤثّريّة الأمر بالأهمّ ، ومعه يستحيل أن يكون الأمران المترتّبان مؤدّيين إلى طلب الجمع ؛ فالترتّب يفيد الجمع في الطلب ، لا طلب الجمع ، فلا تغفل.
وإلى ما ذكرنا يؤوّل ما حكي عن المحقّق السيّد الشهيد الصدر قدسسره حيث أورد بيانين في مقام تقريب إمكان الترتّب بيانين ، فقال في البيان الأوّل : إنّه يتكوّن من نقطتين :
الاولى : أنّه لا ريب ولا إشكال في أنّ المحذور الموجود في الأمر بالضدّين إنّما هو بلحاظ التمانع بينهما في مقام التأثير والامتثال ، بحيث لو قطع النظر عن ذلك لم يكن هناك محذور آخر من تناقض أو اجتماع ضدّين ، لعدم التضادّ ذاتا بين الأمرين ، كما هو واضح.
الثانية : أنّ التمانع بين الأمرين في مقام التأثير يرتفع من البين فيما إذا رتّب الأمر المهمّ على عدم فعل الأهمّ ؛ لاستحالة مانعيّة الأمر بالمهمّ حينئذ عن تأثير الأمر
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ٥٣.