التعارض بين الحرمة النفسيّة والوجوب المقدّميّ وأهمّيّة ذيها ، فلا حكم في طرف الحرمة النفسيّة حتّى يقال عند عدم تأثير الأهمّ يبقى بلا مزاحم كسائر موارد الترتّب.
وممّا ذكر يظهر ما في منتهى الاصول ، حيث ذهب إلى جريان الترتّب في الحرام الذي وقع مقدّمة لواجب يكون فعله أهمّ من ترك ذلك الحرام مع فرض عدم ورود دليل خاصّ.
التنبيه الثامن : أنّ الترتّب لا يجري إلّا في المتزاحمين اللذين بينهما تزاحم اتّفاقيّ ، وأمّا إذا كان بينهما تزاحم دائميّ ، فيرجع إلى باب التعارض ، إذ جعل الحكمين اللذين لا يمكن امتثالهما دائما بل لا مناص في جميع الأوقات إلّا في امتثال أحدهما وعصيان الآخر خال عن الحكمة ، فلا يصدر عن الحكيم. بل في مثله إن كان الملاك في أحدهما أقوى فالجعل على طبقه ، وإن كان الملاك فيهما متساويا فمقتضى ذلك هو الحكم بالتخيير الشرعيّ ، ففي الصورتين لا مجال للتزاحم ، ومع خروجهما عن التزاحم لا مجال للترتّب ، إذ في الصورة الاولى لا حكم آخر ـ مع فرض عدم تأثير الحكم الأقوى ـ حتّى يترتّب عليه. نعم ، يمكن أن يرد بدليل خاصّ حكم آخر مترتّب على عصيان الحكم الأهمّ ، ولكنّ المفروض عدم وجود دليل خاصّ.
وفي الصورة الثانية فلا مجال لفرض العصيان بعد كون الحكم هو التنجيز ، إذ لا حاجة في الأخذ بالحكم الآخر بفرض العصيان ، كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر ما في منتهى الاصول من أنّ وجه عدم جريان الترتّب في المفروض هو لزوم طلب الحاصل ، وذلك من جهة أنّ عصيان كلّ واحد منهما ملازم لامتثال الآخر ؛ ففي ظرف عصيان أحدهما الأمر بالآخر يكون من قبيل طلب الحاصل (١).
__________________
(١) منتهى الاصول : ج ١ ص ٣٧٢.