يخصّصها وعليه فالحكم بلزوم عكس النقيض عقلا للقضايا الشرعيّة كما ترى بل هو متوقّف على جريان أصالة العموم وعدم ثبوت المخصّص فإنّ القضايا الشرعيّة بعد جريان أصالة العموم وعدم التخصيص تصير كالقضايا العقليّة في الدلالة على عكس النقيض.
وحينئذ فإن قلنا بجريان أصالة العموم في أمثال المورد ممّا يكون الشبهة فيها شبهة استنادية كان عكس النقيض مترتّبا عليه وإلّا فلا.
ودعوى أنّ أصالة العموم وإن كانت حجّة ومن الأمارات اللفظيّة لكن غير قابلة لاثبات اللوازم بها لعدم نظر العموم إلى تعيين صغرى الحكم نفيا وإثباتا وإنّما نظره إلى إثبات الكبرى.
مندفعة بما أفاده سيّدنا الامام المجاهد الخميني قدسسره من أنّ عكس النقيض لازم للكبرى الكلّيّة ولا يلزم أن يكون العامّ ناظرا إلى تعيين الصغرى في لزومه لها.
فإذا سلّم جريان أصالة العموم وكونها أمارة فلا مجال لانكار حجّيّتها بالنسبة إلى لازمها (غير المنفكّ) فلا يصحّ أن يقال إنّ العقلاء يحكمون بأنّ كلّ فرد من العامّ محكوم بحكم العامّ واقعا ومراد جدّا من غير استثناء ومعه يحتمل عندهم أن يكون فرد منه غير محكوم بحكمه إلّا أن يلتزم بأنّها أصل تعبّدي لا أمارة (١).
وإن لم نقل بجريان أصالة العموم في الشبهات الاستناديّة فلا مجال لعكس النقيض كما لا يخفى.
وعليه فينبغي الكلام في جواز جريان أصالة العموم في مثل المقام وعدمه يمكن أن يقال إنّ أصالة العموم كأصالة الحقيقة من الاصول العقلائيّة والقدر المتيقّن من جريانها هو الشبهة المراديّة لا الشبهة الاستنادية.
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٧١.