عالما أو جاهلا دار الأمر بين التخصيص والتخصّص بالنسبة إلى أكرم العلماء.
والمعروف حينئذ هو التمسّك بالعامّ لإثبات الثاني بدعوى أنّ أصالة عدم التخصيص في طرف العامّ كما تثبّت لوازمها الشرعيّة فكذلك تثبّت لوازمها العقليّة كعكس النقيض واللوازم العادية نظرا إلى أنّ المثبتات من الاصول اللفظيّة حجّة وعليه فيجوز التمسّك بأصالة عدم التخصيص لعدم كون المشكوك المذكور مصداقا للعامّ فيحكم عليه بأنّه ليس بعالم فيترتّب عليه أحكام الجاهل.
قال الشيخ الأعظم قدسسره إذا علمنا أنّ زيدا مثلا ممّا لا يجب إكرامه وشككنا في أنّه هل هو عالم وخصّص العامّ في هذا المورد أو ليس عالما فلا يخصّص العامّ.
فأصالة عدم التخصيص تقول إنّه ليس بعالم ولو تردّد زيد بين شخصين أحدهما عالم والآخر جاهل وسمعنا قول القائل لا تكرم زيدا يحكم بأنّه زيد الجاهل لأصالة عدم التخصيص فنقول كلّ عالم يجب إكرامه بالعموم وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلّ من لا يجب إكرامه ليس بعالم وهو المطلوب وعلى ذلك جرت طريقتهم في الاستدلالات الفقهيّة كاستدلالهم على طهارة الغسالة بأنّها لا تنجّس المحلّ فإن كان نجسا غير منجّس يلزم تخصيص قولنا كلّ نجس منجّس (١).
ولا يخفى عليك أنّ عكس النقيض في القضايا العقليّة يكون من لوازم الموجبة الكلّيّة بحكم العقل إذ لو لم يكن كذلك لزم الخلف في صدق أصل القضيّة ألا ترى أنّ صدق كلّ نار حارّة ملازم لصدق كلّ ما لم يكن حارّا لم يكن نارا أو صدق كلّ إنسان حيوان ملازم لصدق كلّ ما ليس بحيوان ليس بإنسان.
هذا بخلاف القضايا غير العقليّة فإنّ عكس النقيض ليس من لوازمها العقليّة لإمكان أن يكون المورد مع كونه من مصاديق العامّ لا يكون محكوما بحكمه بل
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٩٤.