أقسام المفاهيم الموافقة
ثمّ إنّ الموافق على أقسام كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره منها موارد إلغاء الخصوصيّة كقوله رجل شكّ بين الثلاث والأربع إذ لا شبهة في أنّ العرف يرى أنّ الحكم إنّما هو للشكّ بينهما من غير دخالة للرجوليّة فيه.
ومنها المعنى الكنائي الذي سيق الكلام لأجله مع عدم ثبوت الحكم للمنطوق كقوله : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) بناء على كونه كناية عن حرمة ايذائهما ولم يكن الأفّ محكوما بحكم (فالمعنى الكنائي مفهوم موافق للمنطوق).
ومنها ما إذا سيق الكلام لأجل إفادة حكم فأتى بأخفّ المصاديق مثلا للانتقال إلى سائرها مثل الآية المتقدّمة إذا كان الأفّ محكوما بالحرمة أيضا (فسائر المصاديق مفهوم موافق للمنطوق).
ومنها الحكم المستفاد من القضيّة التعليليّة كقوله الخمر حرام لأنّه مسكر (١).
والعلّة المنصوصة تدلّ بمفهوم الموافقة على مساواة غير المورد مع المنطوق ويعمّمه.
ولا يخفى عليك أنّ التعبير بالمفهوم الموافق في بعض هذه الأقسام كمورد إلغاء الخصوصيّة لا يخلو عن تأمّل ونظر إذ مرجع إلغاء الخصوصيّة إلى عموميّة المنطوق وكون المفهوم مدلولا مطابقيّا للمنطوق وهو بنفسه يعمّ الحكم فلا يتوسّط فيه شيء آخر مع أنّ اللازم في المفهوم الموافق هو توسّط شيء آخر وهكذا الأمر في التعليل فإنّ مثل قوله فإنّه مسكر يدلّ على الكبرى الكلّيّة وهي أنّ كلّ مسكر حرام وهو منطوق عامّ فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٩٨.