لزم كون جعل الحكم لغوا محضا وهو لا يمكن من المولى الحكيم (١).
هذا مضافا إلى ما عرفت من أنّ الجمع بين جعل الحكم ونسخه قبل حضور وقت العمل جمع بين المتنافيين ثمّ لو سلّمنا إمكان النسخ كما إذا قلنا بأنّ نفس الجعل له مصلحة فيدور الأمر بين النسخ والتخصّص ولكنّ العامّ حيث يكون ظاهرا في أنّه حكم إلهيّ في شريعة الإسلام لا أنّه حكم إلهيّ من حين وروده وإن كان فعليّته من هذا الحين يجتمع مع الخاصّ الظاهر في أنّه كذلك في الشريعة وحيث إنّ ظهور الخاصّ أقوى من العامّ يحمل العامّ على الخاصّ ويقدّم التخصيص على النسخ كما لا يخفى.
خامسها : أن يكون العامّ واردا بعد الخاصّ وبعد حضور وقت العمل به ففي هذه الصورة يقع الكلام في أنّ الخاصّ المذكور مخصّص للعامّ المتأخّر أو أنّ العامّ المتأخّر ناسخ للخاصّ المتقدّم ذهب في الكفاية إلى أنّ الأظهر أن يكون الخاصّ مخصّصا لكثرة التخصيص حتّى اشتهر ما من عامّ إلّا وقد خصّ مع قلّة النسخ في الأحكام جدّا وبذلك يصير ظهور الخاصّ في الدوام ولو كان بالإطلاق أقوى من ظهور العامّ ولو كان بالوضع (٢).
ومراده من ذلك أنّ كثرة التخصيص توجب صيرورة الخاصّ في الدوام أظهر من العامّ كما صرّح به نفسه.
وعليه فلا يرد أنّ مجرّد الكثرة لا يوجب الظهور اللفظيّ ما لم يوجب تلك الكثرة ظهورا لفظيّا.
ولا حجّيّة في الظنّ الخارجي ما لم يوجب الظنّ في اللّفظ.
ولكن لقائل أن يقول إنّ دعوى الكثرة في مثل المقام مع تأخّر العامّ غير ثابتة
__________________
(١) المحاضرات : ٥ / ٣٢٣.
(٢) الكفاية : ١ / ٣٧١.