وهكذا لا مجال لدعوى بناء العقلاء على التخصيص في مثل المقام فالأولى هو أن يقال في توجيه تقديم التخصيص في الصورة المذكورة بأنّ النسخ في الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ممّا ينكره المتشرّعة ويستوحشون منه بل الأئمّة الأطهار عليهمالسلام أبوا عن ذلك وهو قرينة على ترجيح التخصيص وكيف كان. فقد يشكل ذلك بأنّ دلالة الخاصّ على الدوام والاستمرار تتوقّف على جريان مقدّمات الحكمة ومن الطبيعي أنّ عموم العامّ بما أنّه مستند إلى الوضع مانع عن جريانها فاذا كيف يحكم بتقديم الخاصّ عليه.
وفيه أنّ المانعيّة ممنوعة بعد كونهما منفصلين وكون أصالة الإطلاق وجوديّا ومنجّزة لا تعليقيّة وعدميّة.
فالظهور منعقد في كليهما وقد عرفت أنّ الخاصّ والعامّ حاكيان عن الحكم في الشريعة الإسلاميّة لا من حين ورودهما وحيث إنّ الخاصّ أظهر من العامّ يقدّم عليه ويخصّص العامّ به.
قال في المحاضرات إنّ ذلك إنّما يتمّ في الأحكام الصادرة من المولى العرفي فإنّه إذا صدر منه خاصّ ثمّ صدر عامّ بعد حضور وقت العمل به فلا محالة يكون العامّ مقدّما على الخاصّ إذا كان ظهوره في العموم مستندا إلى الوضع وظهور الخاصّ في الدوام والاستمرار مستندا إلى الإطلاق ومقدّمات الحكمة وأمّا في الأحكام الشرعيّة الصادرة من المولى الحقيقي فهو غير تامّ والسبب في ذلك هو أنّ الأحكام الشرعيّة بأجمعها ثابتة في الشريعة الإسلاميّة المقدّسة حيث أنّها هي ظرف ثبوتها فلا تقدّم ولا تأخّر بينها في هذا الظرف وإنّما التأخّر والتقدّم بينها في مرحلة البيان فقد يكون العامّ متأخّرا عن الخاصّ في مقام البيان وقد يكون بالعكس مع أنّه لا تقدّم ولا تأخّر بينهما بحسب الواقع.
وعلى هذا الضوء فالعامّ المتأخّر الوارد بعد حضور وقت العمل بالخاصّ وإن كان بيانه متأخّرا عن بيان الخاصّ زمانا إلّا أنّه يدلّ على ثبوت مضمونه في الشريعة