المقدّسة مقارنا لثبوت مضمون الخاصّ فلا تقدّم ولا تأخّر بينهما في مقام الثبوت والواقع.
فالنتيجة أنّ الروايات الصادرة من الأئمّة الأطهار عليهمالسلام من العمومات والخصوصات بأجمعها تكشف عن ثبوت مضامينها من الأوّل مثلا العامّ الصادر عن الصادق عليهالسلام مقارن مع الخاصّ الصادر عن أمير المؤمنين عليهالسلام بل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والتاخير إنّما هو في بيانه وعليه فلا موجب لتوهّم كون العامّ ناسخا للخاصّ بل لا مناص من جعل الخاصّ مخصّصا له ومن هنا يكون دليل المخصّص كاشفا عن تخصيص الحكم العامّ من الأوّل لا من حين صدوره وبيانه.
وعلى ضوء هذا البيان يظهر نقطة الفرق بين الأحكام الشرعيّة والأحكام العرفيّة فإنّ صدور الحكم من المولى العرفي لا يدلّ على ثبوته من الأوّل وإنّما يدلّ على ثبوته من حين صدوره وهذا بخلاف ما اذا صدر حكم المولى الحقيقي في زمان متأخّر فإنّه يدلّ على ثبوته من الأوّل لا من حين صدوره والتأخير إنّما هو في بيانه لأجل مصلحة من المصالح أو لأجل مفسدة في تقديم بيانه (١).
ولا يخفى عليك أنّ الإشكال لا يرتفع في الشرعيّة إلّا بما قلناه من إنكار تعليقيّة أصالة الاطلاق في المنفصلين وإلّا فلا ينعقد ظهور في الخاصّ حتّى يكشف عن ثبوت الحكم في الشريعة الإسلاميّة من أوّل الأمر مقارنا مع حكم العامّ لاختلال مقدّمات الحكمة بمجيء العامّ بعد الخاصّ وحيث إنّ الظهور في المنفصل بعد الفحص بالمقدار اللازم وعدم الظفر منعقد ومع انعقاده لا يرتفع بإتيان العامّ ومعه يصحّ كشفه عن ثبوت الحكم في الشريعة فيجتمعان في أصل الشريعة ويترتّب عليهما حكمهما ولعلّ ذلك هو مقتضى بناء العقلاء أيضا في المحاورات العرفيّة القانونيّة فإنّ الخاصّ كالعامّ حاكيان عن الحكم في أصل القانون لا من حين الورود ، فافهم.
__________________
(١) المحاضرات : ٥ / ٣٢٥ ـ ٣٢٨.