ثمّ إنّ هذا الوجه يصلح للدلالة على تقدّم الخاصّ على العامّ في جميع الصور الأربعة مع تسليم دوران الأمر فيما بين التخصيص والنسخ من غير فرق بين أن يكون الخاصّ واردا قبل حضور وقت العمل بالعامّ أو بعد وقت حضور وقت العمل به.
كما لا تفاوت بين أن يكون العامّ واردا قبل حضور وقت العمل بالخاصّ أو واردا بعد حضور وقت العمل بالخاصّ.
فإنّ الخاصّ والعامّ حاكيان عن ثبوت الحكم في الشريعة من أوّل الأمر لا من حين وروده وحيث إنّ الخاصّ أظهر من العامّ يقدّم عليه ويخصّص العامّ به في جميع الصور المذكورة فالتقسيمات المذكورة لا توجب الفرق في ذلك أصلا هذا بخلاف كثرة التخصيص فإنّها قابلة للإنكار في مثل الخاصّ المتقدّم بالنسبة إلى العامّ المتأخّر فلا يمكن أن تجعل وجها لتقديم الخاصّ على العامّ في جميع الصور كما لا يخفى.
ومن هذا الوجه الوجيه يظهر الحكم أيضا في ما إذا جهل وتردّد بين أن يكون الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ أو قبل حضوره أو العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ أو قبل حضوره إذ عرفت أنّ الخاصّ مقدّم على العامّ في جميع الصور ولا وجه معه للرجوع إلى الاصول العمليّة كما ذهب إليه في الكفاية ولعلّ منشأ ذلك هو الغفلة عن هذا الوجه الوجيه كما يظهر من استدلاله لذلك بكثرة التخصيص وندرة النسخ مع ما في الاستدلال المذكور (١).
هذا مضافا إلى إمكان المنع عن الرجوع إلى الاصول العمليّة إذ التكليف بعد ورود الخاصّ عقيب العامّ هو الأخذ بالخاصّ ناسخا كان أم مخصّصا ولذا لا تجد فقيها يترك العامّ والخاصّ ويرجع إلى الاصول العمليّة كما أنّ التكليف قبل ورود الخاصّ هو الأخذ بالعامّ فلا مورد للرجوع إلى الاصول العمليّة (٢).
__________________
(١) راجع الكفاية : ١ / ٣٧١.
(٢) راجع نهاية النهاية : ١ / ٣٠٥.