ثمّ حمل كلام المشهور عليه وجعل النزاع بينهم وبين ما ذهب إليه سلطان العلماء نزاعا لفظيّا وقال فظهر أنّ مذهب المشهور هو المذهب المنصور لكن لا بذلك المعنى الذي نسب إليهم (من اعتبار الشيوع والإرسال في المعنى بالمعنى الاسميّ) بل بمعنى أنّ الوضع تعلّق بالطبيعة الساذجة وهو مذهب السلطان بعينه لكن هذه الطبيعة الساذجة ذات سيلان وإطلاق من غير توقّف على لحاظها بوصف السيلان بل لحاظها كذلك يمنعها عن السيلان والإطلاق لعدم وجود الماهيّة بقيد الشيوع في كلّ من أفرادها وإنّما يكون وجودها بهذا القيد في مجموع أفرادها (١).
وذلك لما عرفت من أنّ الماهيّة والمعنى في اسم الجنس تكون بنفسها مع قطع النظر عن شيوعها وإرسالها ملحوظة ولذلك تجتمع مع قيد الوحدة وقيد الارسال وهذا هو حاك عن عدم ملاحظة الماهيّة إلّا نفسها نعم تكون الماهيّة المذكورة في اسم الجنس في حدّ نفسها قابلة للشيوع لا أنّها تكون شائعة بالفعل كالعموم.
وأمّا الاستشهاد بأنّ الماهيّة لو كانت مهملة لزم التوقّف عن استعمال اللفظ فيها إلّا بعد الاستعلام ففيه أنّ إطلاق الماهيّة مستفاد من الخارج كلحاظ الإطلاق تسرية للوضع إلى الأفراد لا للمدخليّة في الموضوع له فلا تغفل.
هذا مضافا إلى أنّه لو كانت الماهيّة ملحوظة بمالها من الاطلاق الذاتيّ لزم التجريد عن ذلك عند حملها على ذاتها إذ الاطلاق والشيوع الذاتي عنده غير ملحوظ وهو كما ترى لعدم حاجة إلى التجريد وهو كاشف عن عدم ملاحظة الشيوع والإرسال في المعنى كما أنّ الكلّيّة أيضا غير ملحوظة وإن كانت متّصفة بها في الذهن باعتبار قابليّتها لذلك وهكذا وأيضا حيثيّة كون الماهيّة من حيث هي أيضا غير ملحوظة.
__________________
(١) نهاية النهاية : ١ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.