ولقد أفاد وأجاد في المحاضرات حيث قال إنّ اسم الجنس موضوع للماهيّة المهملة دون غيرها من أقسام الماهيّة وهي الجامعة بين جميع تلك الأقسام بشتّى لحاظاتها وقد عرفت أنّها معرّاة من تمام الخصوصيّات والتعيّنات الذهنيّة والخارجيّة حتّى خصوصيّة قصر النظر عليها والسبب فيه هو أنّه لو كان موضوعا للماهيّة المأخوذة فيها شيء من تلك الخصوصيّات لكان استعماله في غيرها مجازا ومحتاجا إلى عناية زائدة حتّى ولو كانت تلك الخصوصيّة قصر النظر على ذاتها وذاتيّاتها لما عرفت من أنّه نحو من التعيّن وهو غير مأخوذ في معناه الموضوع له فالمعنى الموضوع له مبهم من جميع الجهات إلى أن قال وإن شئت قلت إنّ اللحاظات الطارئة على الماهيّة بشتّى إشكالها إنّما هي في مرحلة الاستعمال حيث إنّ في هذه المرحلة لا بدّ من أن تكون الماهيّة ملحوظة بأحد الأقسام المتقدّمة نظرا إلى أنّ الغرض قد يطلق بلحاظها على شكل وقد يتعلّق به على شكل آخر وهكذا إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي أنّ الماهيّة المهملة فوق جميع الاعتبارات واللحاظات الطارئة عليها حيث إنّها مهملة حقيقة وبتمام المعنى وأمّا الماهيّة المقصور فيها النظر إلى ذاتها وذاتيّاتها فليست بمهملة بتمام المعنى نظرا إلى أنّها متعيّنة من هذه الجهة أي من جهة قصر النظر إلى ذاتها فتسمية هذه الماهيّة بالماهيّة المهملة لا تخلو عن مسامحة فالأولى ما عرفت (١).
ثمّ لا يذهب عليك أنّ المراد من المهملة هو عدم كون المعنى مقيّدا بقيد من القيود لا الاهمال المقصود بقول الطبيب يجب عليك أنّ تشرب دواء ولذلك يصحّ استعمال أسماء الأجناس في المقيّدات والكلّيّات استعمالا حقيقيّا من دون حاجة إلى التجريد والعناية.
__________________
(١) المحاضرات : ٥ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨.