قوله رجل بنحو التنكير إنّما كانت من قبيل الثاني دون الأوّل كما هو واضح (١).
والحاصل أنّ التبادر ممّا يشهد على كون النكرة من الجزئيّات لا الكلّيّات إذ فرق بين رجل واحد وبين هذا أو ذاك من أفراد الرجل كما ترى الفرق في اللغة الفارسيّة بين «مرد واحد» وبين «مردي» إذ الأوّل ينطبق عرضا على كلّ رجل رجل لأنّ كلّ رجل رجل يصدق عليه رجل واحد هذا بخلاف «مردي» فإنّه لا ينطبق إلّا على التبادل.
ثمّ إنّ الحكاية عن الخصوصيّات الملحقة بأفراد الطبيعة ليست من ناحية نفس طبيعة الرجل اذ الطبائع لا تكون حاكية إلّا عن حصصها بل هي من ناحية نفس التنوين فلا يقال إنّ الطبيعة لا تحكي عن الخصوصيّات.
ثمّ إنّ الخصوصيّة المحكيّة من ناحية التنوين ليست جميع مشخّصات الفرد بل هي خصوصيّة ما التي توجب جزئيّة الفرد ولا مانع من أن تكون هذه الخصوصيّة متعلّقة للطلب بعد حكاية التنوين عنها وعليه فلا استيحاش من إمكان قصد التقرّب بها إلى المولى فيما إذا وقعت تحت أمر قربيّ كما أفاده المحقّق الشيخ ضياء الدين العراقيّ قدسسره وإن كان بعض عبائره لا يخلو عن الإشكال فراجع (٢).
فتحصّل إلى حدّ الآن أنّ اسم الجنس في إفادة الإطلاق يحتاج إلى مقدّمات الاطلاق بعد ما عرفت من عدم أخذ الإطلاق والشياع في معناه وكون الموضوع له هو الماهيّة الجامعة المهملة بل علم الجنس أيضا يحتاج إلى ذلك لما عرفت من أنّ التعيّن المستفاد من العلم لا يوجب جزئيّة المعنى وإن لم يكن معناه كاسم الجنس في الإطلاق لملاحظة المعنى في حال ملاحظة التعيّن.
__________________
(١) نهاية الأفكار : ١ / ٥٦٦.
(٢) نهاية الأفكار : ١ / ٥٦٦.