الخطاب إلى المكلّف وليس كذلك إطلاق المادّة فإنّه بدليّ بمعنى أنّ مفاده صلوح أيّ فرد من أفراد الطبيعة المأمور بها للامتثال به فإذا دار الأمر بينهما فيؤخذ بالشموليّ لكونه أقوى في العموم ويرفع اليد عن العموم البدليّ.
اورد عليه في الكفاية بأنّ الإطلاق في كلا المقامين مستفاد من مقدّمات الحكمة فلا يمكن تقديم أحدهما على الآخر بمجرّد كونه شموليّا والآخر بدليّا نعم لو كان أحدهما بالوضع والآخر بالمقدّمات لكان تقديم ما بالوضع على الآخر موجّها لكونه صالحا لأن يكون قرينة على الآخر دون العكس وذلك لأنّ الوضع تنجيزيّ بخلاف ما يكون بالمقدّمات فإنّه معلّق على عدم قيام قرينة على الخلاف فالوضع قرينة على الخلاف انتهى.
وعليه فمقتضى عدم تقديم أحدهما على الآخر هو الرجوع إلى مقتضى الأصل في وجوب تحصيل القيد وعدمه ومن المعلوم أنّ بعد العلم الإجماليّ بتقيّد أحدهما يتعارض أصالة الاطلاق في طرف الهيئة مع أصالة الإطلاق في طرف المادّة ومع التعارض لا يصحّ الرجوع إلى أصالة الاطلاق لإلغاء احتمال التقييد بل اللازم هو الرجوع إلى مقتضى الأصل وهو يقتضي البراءة إذ مع احتمال أن يكون القيد قيدا للوجوب فلا دليل على الوجوب لاحتمال دخالة حصول القيد في الوجوب فلا علم بالوجوب أصلا كما لا يخفى.
العاشر : أنّ معنى الاطلاق كما أشرنا إليه هو أخذ المتكلّم الموضوع من دون لحاظ شيء فيه ولا يتوقّف ذلك على لحاظ القيود وتسوية الموضوع باعتبارها بأن يقال إنّ الموضوع الفلانيّ سواء كان مع كذا أو كذا يترتّب عليه كذا فإنّه خلاف الوجدان مضافا إلى أنّ ملاحظة القيود واحدا بعد واحد تحتاج إلى مئونة زائدة على مئونة التقيّد مع أنّ المطلق أخفّ مئونة عن المقيّد فالإطلاق هو رفض القيود لا جمع القيود إذ الرفض لا يحتاج إلى مئونة بخلاف جمع القيود فلا تغفل.