خصوص الكبرى القياسي كما ذكره أكثر الأصوليّين بعنوان الموضوع الاصولي ، بل هو أعمّ منها ، وهو الأنسب بالغرض من تدوين فنّ الاصول فإنّه هو البحث عمّا يفيد في مقام الاحتجاج بين الموالي والعبيد.
وعليه فالحجّة بالمعنى المذكور يطلق على القطع كما تطلق على الظنّ المعتبر لصلاحيّة كلّ واحد للاحتجاج به كما لا يخفى. ولقد أفاد وأجاد في نهاية الاصول حيث قال : إنّ مبحث القطع من مسائل الاصول ؛ لأنّ موضوع علم الاصول هو عنوان الحجّة في الفقه وعوارضها المبحوث عنها في الاصول عبارة عن تعيّناتها وتشخّصاتها الخارجة عنها مفهوما المتّحدة معها خارجا كخبر الواحد والكتاب وغيرهما من الحجج ولا نعني بالحجّة ما يقع وسطا للإثبات كما عرفته ونسب إلى المنطقيّين أيضا مع أنّ المنطقي يطلقها على مجموع الصغرى والكبرى لا على الأوسط فقط.
وكيف كان فليس مرادنا بالحجّة التي نجعلها موضوع علم الاصول ذلك ، بل المراد بها ما يحتجّ به الموالي على العبيد والعبيد على الموالي في مقام الامتثال والمخالفة (١).
وممّا ذكر يظهر ما في فرائد الاصول حيث قال : إنّ إطلاق الحجّة على القطع ليس كإطلاق الحجّة على الأمارات المعتبرة شرعا ؛ لأنّ الحجّة عبارة عن الوسط الذي به يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر ويصير واسطة للقطع بثبوته له كالتغيّر لإثبات حدوث العالم ، فقولنا الظنّ حجّة أو البيّنة حجّة أو فتوى المفتي حجّة يراد به كون هذه الامور أوساطا لإثبات أحكام متعلّقاتها ، فيقال هذا مظنون الخمريّة وكلّ مظنون الخمريّة يجب الاجتناب عنه ، وكذلك قولنا هذا الفعل ما أفتى المفتي بتحريمه
__________________
(١) نهاية الاصول ٢ : ٢٩٦.