تغالطه وتقول لا اريد الجيّد بل اريد ما قال الثقة إنّه جيّد ، ومالك أن تركت العبد على قطعه إلّا نقض غرضك وتضييع مالك. (١)
وقال أيضا : ودعوى أنّ مرتبة الحكم الظاهري محفوظة مع الظنّ والشكّ ؛ لوجود الساتر على الواقع ، فيكون بما هو مجهول الحكم حلالا ، بخلاف القطع الذي هو الانكشاف التامّ الّذي لا يدّع مجالا للإذن ولا موضوعا لحكم آخر.
مندفعة بأنّه لا ينحصر جعل الحكم الظاهري في وجود الساتر ، بل ليس الوجه في إمكان أخذ الجهل موضوعا إلّا تأخّر مرتبة هذا الحكم عن الواقع بسببه ، وهذا موجود مع القطع أيضا ، فكما أنّ الشيء بعنوان أنّه مجهول الحكم متأخّر عنه ، فكذلك متأخّر بعنوان أنّه مقطوع الحكم. (٢)
ويمكن أن يقال :
أوّلا : إنّ الترخيص في ارتكاب فعل مقطوع الحرمة ترخيص في المعصية بنظر القاطع ؛ إذ القطع بالحرمة علّة تامّة لتحقّق عنوان المخالفة ، عند الإتيان بفعل مقطوع الحرمة وهو قبيح عقلي لا يجوز كالظلم. وعليه فالإذن في الفعل والتأمين من العقاب يخالف القبح العقلي الفعلي.
ودعوى إمكان رفع التنجّز لا يساعد مع كون التنجّز ذاتيّا ؛ لوجود القطع كما مر ، ولذا قال في الدرر : إنّ العلم بالتكليف موجب لتحقّق عنوان الإطاعة والمخالفة ، والأوّل علّة تامّة للحسن كما أنّ الثاني علّة تامّة للقبح ، وهما كعنواني الإحسان والظلم ، فكما أنّه لا يجوز المنع عن الإحسان والأمر بالظلم عقلا ، فكذلك لا يجوز المنع عن الإطاعة والأمر بالمعصية والمخالفة.
__________________
(١) الوقاية : ٤٤٧ ـ ٤٥١.
(٢) الوقاية : ٤٤٩.