ولا فرق عند العقل في تحقّق هذين العنوانين بين أسباب القطع ، بخلاف الظنّ بالتكليف فإنّه بعد لم يصل إلى حدّ يصلح لأن يبعث المكلّف إلى الفعل ؛ لوجود الحجاب بينه وبين الواقع ، فلم يتحقّق عنوان المخالفة والإطاعة.
نعم ، لو حكم العقل بوجوب الإتيان بالمظنون من جهة الاحتياط وإدراك الواقع كما في حال الانسداد فعدم الإتيان به على تقدير إصابة الظنّ للواقع في حكم المعصية ، لكن لا إشكال في أنّ هذا الحكم من العقل ليس إلّا على وجه التعليق ، بمعنى كونه معلّقا على عدم منع الشارع عن العمل بذلك الظنّ ، لا على وجه التنجيز كالإتيان بالمعلوم ، ومن ثم لو حكم الشارع بترك العمل بالظن في حال الانسداد لا ينافي حكم العقل.
ومحصّل ما ذكرنا من الوجه : أنّ المخالفة لكونها قبيحة بقول مطلق لا تقبل الترخيص والإطاعة لكونها حسنة كذلك لا تقبل المنع ، لا أنّ المنع عن العمل بالعلم مستلزم للتناقض (١).
وعليه فلا يفيد تأخّر مرتبة الترخيص عن مرتبة الحكم الواقعي في جواز الترخيص ورفع المحذور.
لا يقال : إنّ الترخيص في المعصية المحتملة بلا عذر ولا مؤمّن قبيح أيضا فضلا عن المظنونة ، ومفروض الكلام جواز الترخيص في الحرام الواقعي والفراغ عن (شبهة) ابن قبة ، فلا مانع من الإذن مع المصلحة ولا معصية مع الإذن فلا ظلم فيبقى السؤال عن الفرق بينهما على حاله. (٢)
لأنّا نقول : الفرق بين المقطوع وغيره موجود ؛ لأنّ الاحتمال بل الظنّ غير
__________________
(١) الدرر : ٣٢٧ ـ ٣٢٩.
(٢) الوقاية : ٤٤٨.