وأيضا جعل العامّ نفس الأداة لا مدخولها كما ترى ؛ لأنّ أداة العموم لا تفيد إلّا الاستيعاب ، ولا حكاية لها عن المصاديق ، وإنّما الحكاية لمدخولها ، ولا وجه لإنكار حكاية طبيعة المدخول عن حصصها ، مع أنّ الحكاية أمر عرفيّ وليست عقليّا.
نعم يرد على هذا التعريف : أنّه لا يشمل العامّ الذي ليس بمسوّر ، كاسم الجمع مثل «قوم» و «ناس» بناء على كونهما من ألفاظ العموم ، وعليه فاعتبار تعدّد الدالّ والمدلول يكون بحسب الغالب ، والعامّ في الحقيقة هو لفظ يحيط بأفراده لا ، سواء كانت إحاطته من جهة تعدّد الدالّ والمدلول أو من جهة وضع اللفظ للإحاطة الفعليّة.
ثمّ الفرق بين العامّ الأصولي والعامّ المنطقي يكون في فعليّة الإحاطة وعدمها ، فإذا اعتبرت الإحاطة بالفعل في التعريف فهو عامّ أصوليّ ، وإذا لم يعتبر فيه ذلك ـ بل عرّف بأنّه الذي لا يمتنع فرض صدقه على الكثيرين ـ فهو كلّي منطقيّ.
الأمر الثاني : في أقسام العمومات :
ينقسم العامّ إلى الاستغراقي والمجموعي والبدلي ، والأوّل هو الذي دلّ اللفظ فيه على استيعاب تمام أفراد الطبيعة في عرض واحد من دون اعتبار وحدتها واجتماعها ، مثل قولهم : «كلّ عالم».
والثاني : هو الذي دلّ اللفظ فيه على استيعاب تمام الأفراد مع اعتبار الوحدة والاجتماع ، مثل «مجموع إنسان» أو «مجموع علماء».
والثالث : هو الذي دلّ اللفظ فيه على استيعاب الأفراد على البدل ، مثل «أيّ رجل».
وامتثال الأوّل يتمّ بإتيان كلّ واحد من أفراد العامّ ، فإذا أتى ببعض امتثل بالنسبة إليه وعصى بالنسبة إلى غيره.
وامتثال الثاني يتمّ بإتيان المجموع ، ولو أخلّ ببعضه لم يمتثل التكليف أصلا.