في جعل حكم آخر ؛ إذ هو مثل الحكم الأوّل ، فيكون جعل الحكم لغوا يستحيل صدوره من الحكيم تعالى وتقدّس (١).
ولا يخفى عليك أنّ القول بعدم الفائدة منظور فيه ؛ إذ ربما يكون الانبعاث موقوفا على حكم مولويّ ولكنّ الحاجة إليه في بعض الأحيان لا تصلح لإثبات الملازمة بين الحكم العقلي والحكم الشرعي مطلقا ، بل هو مختصّ بمورده.
واستشكل الشهيد الصدر قدسسره على ما في مصباح الاصول بأنّه كلّما كان الشارع يهتمّ بحفظ الملاك بأكثر ممّا يقتضيه الحسن والقبح العقليين من الحفظ الذاتي وكان ذلك ـ أي الحفظ المذكور ـ يحصل بجعل الشارع أمكن استكشاف جعل شرعيّ في مورد الحكم العقلي من غير فرق بين أن يكون حكم العقل في مرتبة علل الأحكام أو في سلسلة معلولاتها. وفي مسألة التجرّي يمكن للشارع جعل خطاب تحريمي له لكي يحفظ.
ملاكات أحكامه الواقعيّة بمرتبة جديدة وزائدة من الحفظ ولو في حقّ من تنجّز عليه التكليف الواقعي بغير العلم ، فإنّه إذا علم بحرمة التجرّي عليه على كلّ حال فقد يتحرّك ولا يقدّم على ارتكاب المخالفة ؛ لأنّ للانقياد والتحرّك عن خطابات المولى درجات ، فقد ينقاد المكلّف في موارد العلم بالتكليف ولكنّه لا ينقاد في موارد الاحتمال أو الظن وإن كان منجّزا عليه ـ بحكم العقل ـ فيكون جعل حرمة التجرّي لمزيد الحافظيّة وسدّ أبواب العدم بهذا الخطاب وفي هذه المرتبة ، فلا لغوية أصلا. (٢)
ولا يذهب عليك أنّ إمكان ترتّب الفائدة على الحكم الشرعيّ المولوي
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٦.
(٢) مباحث الحجج ١ : ٦٢.