الأمر والنهي في صقع النفس ، وهو حاصل ، ومعه فاستناد القبح إلى التجرّي ذاتيّ ، ولا تأثير لوجود المصالح في الواقع في رفع القبح ، أو عدم فعليّته عن الهتك ، إذ المصلحة والمفسدة أمران واقعيّان وجوديّان ، بخلاف الحسن والقبح ، فإنّهما أمران ذاتيّان حقيقيّان ، في لوح الواقع الذي هو أوسع من لوح الوجود. وعليه فلا وجه للتفصيل المحكيّ عن صاحب الفصول في التجرّي بين القطع بحرمة شيء غير واجب واقعا ، وبين القطع بحرمة واجب غير مشروط بقصد القربة ، فرجّح العقاب في الأوّل ، ونفي العبد عن عدم العقاب في الثاني مطلقا ، أو في بعض الموارد ، نظرا إلى معارضة الجهة الواقعيّة للجهة الظاهريّة ، مستدلا بأنّ قبح التجرّي عندنا ليس ذاتيّا ، بل يختلف بالوجوه والاعتبار.
وذلك لما عرفت من اختلاف باب المصالح والمفاسد الواقعيّة مع باب الحسن والقبح ، فلا مجال للتعامل بينهما والكسر والانكسار. هذا مضافا إلى ما في كلامه ، من إنكار قبح التجرّي ذاتيّا مع أنّ قبح الهتك ذاتيّ ، ولا يختلف بالوجوه والاعتبار ، فتدبّر جيّدا.
التنبيه العاشر : أنّ الفعل الاختياري هو الذي أتى به مع القصد ، ويكفي في ذلك تعلّق القصد به ولو بتخيّل كونه مصداقا ، لعنوان من العناوين وإن تخلّف قطعه بكون الفعل الذي قصده مصداقا لذلك العنوان ، فإنّ قطعه بكونه مصداقا لذلك العنوان حيثيّة تعليليّة ، لتعلّق القصد بالفعل ، وليس حيثيّة تقيّديّة حتّى يستلزم تخلّفه عدم تعلّق القصد به ، كما إذا أذن صاحب الدار لدخول شخص في داره ، بتخيّل أنّه عمرو ، فإنّ الشخص المذكور مأذون في دخول الدار ولو تخلّف تخيّل صاحب الدار. وعليه فالقطع يكون مائع خمرا يوجب في المتجرّي أن يتعلّق إرادته بشرب هذا المائع الخارجي ، بسبب تخيّل تطبيق الخمر عليه ، ومع تعلّق إرادته بشرب المائع الخارجي ، فالشرب المذكور مقصود واختياريّ ، ولا مجال لما قيل من أنّ ما قصده المتجرّي لم يقع ، وما وقع